إنّ عَظَمةَ شهر رمضان تتمثل في الخيرات والبركات التي تعُمّ العباد والبلاد، وحتى نستشعر روحانيات هذا الشهر الفضيل علينا أن نلزم مُصاحبةِ القرآن الكريم في الليل والنهار، ونحرص على تلاوة القرآن بالقلب قبل اللسان لتستشعر عظمة الخالق وتنعم بالخير والفضائل والسعادة والبركة في العمر، في هذا الموضوع سنجيب عن سؤال من هم اهل الله وخاصته؟
محتويات
من هم اهل الله وخاصته
في رواية سُمرة بن جندب -رضوان الله عليه- قول النبي: ” كُلّ مُؤدِب يُحِب أن تُؤثى مأدبته” والمقصود بالمأدبية هي الوليمة، كل صاحب وليمة يحبأن يأتي الناس لمأدبته ويأكلوا منها، ” ومأدبة الله القرآن” ومأدبته هنا تعني نُزله وإكرامه لخلقه هذا الكتاب القرآن الكريم، فالله يُحب أن تؤتى مأدبته وهي القرآن الكريم، ” فلا تهجروه” أي لا تهجروا قراءة القرآن الكريم، ” إن لله أهلين، قيل من هم يا رسول الله؟ قال” هم أهل القرآن أهل الله وخاصته”.
إن أهل العناية بالقرآن الكريم كتاب الله الخالد هم أهل الله وخاصّته، ويُقصد بأهل الله وخاصته هم الذين يقومون بالعناية بالقرآن وقراءة آياته وتدبر معانيه وترتيله والعمل بما جاء فيه من أحكام وأوامر واجتناب نواهيه، فهم أهل القرآن حتى وإن لم يقوموا بحفظه، على الرغم من ورود نصوص تحثُّ على حفظ القرآن الكريم لكن لا بأس من لم يتمكن من الحفظ وله ورد يومي يقرأه من القرآن الكريم، أي لا تغرب شمس يوم إلا وقد قرأ فيه حزب من آيات القرآن الكريم، إن هذا الأمر ليس بالصعب بل هو بحاجة إلى عزيمة وإصرار وهمّة، فالتسويف لا يأتي بالخير.
رمضان شهر القرآن
لقد عُرف شهر رمضان بأنه شهر القرآن الكريم، فقد كان الملك جبريل -عليه السلام- يتنزل على النبي في شهر رمضان ويدارسه القرآن الكريم، كما كان نزول القرآن الكريم في شهر رمضان فقد قال تعالى: ” إنا أنزلناه في ليلة القدر” المقصود هنا هو نزول القرآن الكريم على النبي في ليلة القدر من شهر رمضان الكريم، وقد كان عثمان بن عفان – رضي الله عنه- يختم القرآن الكريم في اليوم مرة، وقد حرص بعض السلف الصالح على ختم القرآن الكريم خلال قيام رمضان في كل ثلاث ليال مرة، فيما ختم بعضهم القرآن في سبع ليال مرة، وآخرين ختموه في كل عشر ليال، فقد كانوا يقرأون القرآن الكريم خلال الصلاة أو غيرها، أما عن الإمام الشافعي فقد كان يختم القرآن في شهر رمضان ستون ختمة يقرأها في غير الصلاة،لكن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يقرأون القرآن بتدبر وفهم، وكانوا يتأثرون بآيات الله ويحرصون على العمل بما جاء في القرآن طوال الوقت، فكان القرآن الكريم يُجمِّلُ أيامهم ويحليها.
أما النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- فقد كان خُلقه القرآن الكريم، كما كان يستشعر كل حرف من حروف القرآن وكل آية من آياته، فقد جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ” اقرأ علي. فقلت: اقرأ عليه وعليك أنزل؟ فقال: إني أُحب أن أسمعه من غيري قال: فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً” قال: حسبُك، فالتفت فإذا عيناه تذرفان”
وقد بكى أهل الصفة حتى سالت دموعهم على خدودهم، وعندما سمع الرسول صوت بكاءهم بكى معهم فقال رسول الله : ” لا يلج النار من بكى من خشية الله” أي أنه لا تمس النار جسد من بكى من خشية الله، وقد كانت هذه الحادثة عند نزول الآية: ” أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون”
من هم أهل الله
يحظى أهل الله وهم أهل القرآن في الحياة الدنيا بمنزلة خاصة في أفئدة الناس وقلوبهم فهم يلتمسون منهم الخير والبركة والإحسان، أما في الآخرة فيفوز أهل القرآن بجنات النعيم، حيث جاء عنهم في حديث الرسول: ” أهل القرآن هم أهل الله وخاصته” فتخيل ما سيكونون عليه يوم القيامة في الجنة من مكانة عالية ورفيعة، كما قال النبي: ” الماهرُ بالقرآن مع السفرة الكِرام البررة” كما قال عن أثر القرآن الكريم : ” إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين” أي أن الله يرفع بالقرآن الكريم أقواماً ويضع ويخفض مكانة أقوام بعدم قراءتهم للقرآن.
ثواب قراءة القرآن
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ” من قرأ حرفاً من كِتاب الله فله به حسنة، والحسنةُ بعشر أمثالها، والله يُضاعِف لمن يشاء، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف” فكل حرف تتلوه من القرآن الكريم يتضاعف لك الأجر والثواب وتجمع رصيداً من الحسنات، كيف إذا قرأت القرآن الكريم في شهر رمضان شهر الأجر والثواب، كما أن القرآن الكريم يشفع لأصحابه يوم القيامة فاحرص أيها المسلم على المواظبة على قراءة القرآن خلال الشهر الفضيل لتفوز بالشفاعة يوم القيامة فقد قال النبي: ” اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه”.
فلنضيء أيام رمضان ولياله بتلاوة القرآن الكريم، فهو بمثابة غذاء للعقل والروح، ومصدر للسعادة، فلنكن من أهل القرآن في شهر الرمضان ولنكن من أهل الله وخاصته.