القصة الحقيقة لموت الزير سالم

القصة الحقيقية لموت الزير سالم، تُعدّ القصة الحقيقية لموت الزير سالم  واحدة من أجمل وأروع القصص التي تناقلتها العرب عبر التاريخ، وقد تناقلت العرب الكثير من فرسانها وسطرت عنهم أحرف من ذهب وصفت فيهم قوتهم القتالية، بلاغتهم  وفصاحتهم الشعرية، وكيف أن دواوين الشعر قد امتلأت بشعرهم الذي تنوع في وصف حياتهم وخيولهم وشجاعتهم وأصولهم ومن هؤلاء الشعراء والفرسان كان الزير سالم، كان اسطورة من أساطير العرب في القتال فكان لا يشق له غبار، في الشعر كان لا يجاريه أحد فهو أول من قصد القصيد (أي جعلها قصائد طويلة )، وأول من كذب بالشعر وأرقه.

حرك برثائه وبكائه الأعراف القبلية، ولعب على أوتار الجاهلية، فقتل قبيلة بأكملها، ومسحها عن بكرة أبيها، إنه بالمجون واللهو قد اتصف، نعم إنه الزير سالم، في هذا المقال سوف نتطرق القصة الحقيقية لموت الزير سالم.

ميلاده ونسبه

ميلاده ونسبه
ميلاده ونسبه

ولد الزير سالم، وهو عدي بن ربيعة بن الحارث بن مرة بن هبيرة التغلبي الوائلي من تغلب، في قبيلة نجد في شبه الجزيرة العربية في عام  541 ميلادي.

ألقاب الزير سالم بسبب ألقابه

ألقاب الزير سالم بسبب ألقابه
ألقاب الزير سالم بسبب ألقابه

لقب عُدي بن ربيعة بأكثر من لقب، فقد لُقب بالزير سالم، أو زير النساء أي جليسهم، كما لقب بالمهلهل وكنّي بأبي ليلى.

  • سبب تسميته الزير سالم :وقد كناه أخوه كليب بذلك بسبب كثرة تغزله بالنساء في اشعاره.
  • وسبب تسميته بالمهلهل: لقب بالمهلهل لأنه كان يلبس ثيابًا مهلهلة، كما يقال بأنه قد لقب مهلهلاً لأنه هلل الشعر: أي أرقَّه، وفي رواية أخرى: لقب بالمهلهل بسبب قوله: “لما توغل في الكراع هجينهن … هلهلت أثأر مالك أو سنبلا”
  • وسبب تسميته أبي ليلي: كنّي بأبي ليلى وذلك لرؤيا رآها في صغره؛ فرأى نفسه ينجب فتاة اسمها ليلى يكون لها شأن عظيم فلما أنجب فتاة سماها ليلى وزوجها بكلثوم بن مالك وأنجبت منه عمرو بن كلثوم بن مالك صاحب المعلقة الشهيرة.

شاهد أيضا: ابيات شعر الزير سالم

زوجته وأبنائه

زوجته وأبنائه
زوجته وأبنائه

زوجة المهلهل هي حبيبة بنت عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة، وللزير سالم ثلاثة من الذكور هم:

الابن الاول حرب.

الابن الثاني حمزة.

الابن الثالث شعبة.

والابنة الوحيدة لهُ أسماها ليلى.

شخصية الزير سالم

شخصية الزير سالم
شخصية الزير سالم

الزير سالم واحد من الفرسان العرب  الذي قامت على شخصيته الكثير من الأقاويل والأحاديث التي تتحدث عن شجاعته واقدامه وفروسيته، إضافة لحبه للخمر والتسلية وقرض الشعر في النساء والخمر والثأر، عاش محبًا لأخيه كليب حبًا لا يضاهيه حب أخ لأخيه في ذلك الزمان.

لقد نظم الزير سالم الشعر طويلاً في حب أخيه كليب والثأر له، فكان يجدد مشاعر الثأر لأخيه بنظم الشعر حتى أن القبيلة كلها كانت تشعر بكلماته، فقد كانت تأجج المشاعر وتحركها.

كان محبًا للمرح والفكاهة، وكان طويلًا ومفتول العضلات، قامته ممشوقة وكتفيه عريضين وكانت بنيته قوية، يحب التعطر بالمسك والتطيب بالبخور، مقبلًا على اللهو وشرب الخمر، وكان كثيرًا ما يذهب للقنص والصيد في البراري وأكثر صيده كان من السباع.

كان معروفًا على الزير سالم حبه للهو ولمجالسة النساء الجميلات في أماكن اللهو في ذلك الزمان، وكان يمضي أكثر أيامه يسكر ويلهو ويلقي الشعر مع شعراء ذلك الزمان وهو منتشيًا، حيث كان شاعرًا وكما كان يُقال بأنه خال الشاعر امرؤ القيس، ومن بين هذه الأشعار التي كان يتغنى بها في مجالس اللهو والغناء والطرب:

يقول الزير أبو ليلى المهلهل    ونار القلب تشعل في حشاه

من النسوان بالك ثم بالك        لا تأمن ولو طال المداه

ولا تركن لأنثى بطول عمرك     ولو قالت نزلت من السماه

وإن حلفت يمين لا تصدق       وإن وعدت فلا ترجو الوفاه

ترى النسوان هن أصل البلايا   وهن أصل الدواهي والرداه

وهن مفرقات للحبايب            وبين الأخ والأبن وأباه

ولا فتنة في الأرض صارت        إلا أصلها مكر النساه

قتاله وثأره لأخيه

قتاله وثأره لأخيه
قتاله وثأره لأخيه

تقول قصة الزير سالم عدي بن ربيعة أنَّ أخ الزير سالم كليب بن ربيعة كان ملكًا من ملوك العرب، ارتفع شأن بني وائل في عهده، وقد كان كليب متزوجًا من امرأة اسمها الجليلة بنت مرَّة وهي امرأة من بني بكر بن وائل لها أخ اسمه جسَّاس بن مرَّة، وفي يوم من الأيام جاءت امرأة اسمها البسوس وهي أخت الملك تبع اليماني إلى ابن أختها جسَّاس بن مرّة، ووضعت عند حسَّاس ناقة أمانة لها دون أن تربطها، فنفرتِ الناقة وقامت تجول بين المراعي فدخلت في مراعي إبل كليب بن ربيعة فرماها بسهم في ضرعها فاختلط لبنها بدمها، فنشبت حرب بين أحفاد أبناء وائل، بين أهل كليب بن ربيعة من بني تغلب وأهل جسّاس بن مرة من بني بكر، وفي هذه الحرب قتل جسَّاس بن مرّة كليب بن ربيعة أخ الزير سالم المهلهل، فنشبت حرب البسوس بين الزير سالم الذي اعتزل الحانات والخمر والنساء حتَّى يثأر لأخيه كليب من قتلته من بني مرَّة.

خاض الزير سالم في حياته كثيرًا من المعارك والنزاعات التي نشبت بين وبين بني بكر بعد مقتل كليب بن مرَّة، قتل منهم وقتلوا من أهله، وعاش حياته بين كرِّ وفرِّ، أربعين عامًا من القتال والتَّرقُّب بين الطرفين، حتَّى قتل الزير بجير بن الحارث بن عباد، فثار الحارث بن عباد وهو من فرسان العرب الأشداء، فالتفَّ حوله من حارب الزير من بني بكر، وهجموا على تغلب وأسروا الزير سالم، الذي خرج من الأسر وهرب من البلاد، حتَّى قبيلة تغلب سافرت إلى الجزيرة الفراتية وأقامت فيها عام 531 ميلادية في غالب الظنِّ.

قصة موت الزير سالم

قصة موت الزير سالم
قصة موت الزير سالم

إن القصة الحقيقية لموت الزير سالم تتردد بين روايتين :

  • الرواية الأولى:

أما نهاية المهلهل فبدأت مع الحارث بن عباد حين أسره ولكن لضعف بصره لم يتبينه “فقال له: دلني على المهلهل، قال ولي دمي، فقال ولك دمك، فقال: ولي ذمتك وذمة أبيك، فقال: نعم لك ذلك، فقال أنا المهلهل، خدعتك عن نفسي، والحرب خدعة، فقال الحارث كافئني بما صنعت لك بعد جرمك، ودلني على كفء لبجير فقال: لا أعلمه إلا امرئ القيس بن أبان رئيس قومه والفارس الهمام هو ذاك، فقام الحارث بجز ناصية المهلهل، ثم شد على بن أبان فقتله، وبقي المهلهل يحرض قومه على الأخذ بالثأر إلا أنه لم يعد ذلك الفارس المغوار الذي يقود الجيش الجرار وكانت القبائل قد أنهكتها الحرب فقام صلح بين القبيلتين إلا أن المهلهل نقضه عندما أغار على قيس بن ثعلبة فظفر به عمرو بن مالك فأسره وأحسن له حيث أفرد له بيتًا يستقبل فيه زائريه ويولم لهم كما لو كان في أهله وفي ذات الأيام أهداه نصراني زقًا من خمر فلما سكر قال هذه الأبيات:

طفلة ما ابنة المحلل بيضاء … لعوب لذيذة في العناق

فاذهبي ما إليك غير بعيد … لا يؤاتي العناق من في الوثاق

ضربت نحرها إلى وقالت … يا عديًا لقد وقتك الأواقي

“فلما سمع بذلك عوف رئيس قيس بن ثعلبة اغتاظ وأقسم ألا يذوق المهلهل قطرة ماء حتى يرد الخضير (الخضير: بعير لعوف لا يرد الماء إلا في اليوم السابع) فقال له ناس من قومه: بئس ما حلفت قتلت مهلهلاً وإلى أن ورد خضير كان قد هلك المهلهل عطشًا”، وهذه الرواية الأوثق لموته فقد أوردها عبد ربه في عقده والطبري في تاريخ الأمم والملوك والقرشي في جمهرته وابن منظور في لسانه وياقوت في معجمه.

الرواية الثانية

الرواية الثانية لحقيقة موت الزير سالم أوردها صاحب الخزانة “وتقول لما أسن المهلهل وخرف أقام عليه قومه عبدين يخدمانه وخرج بهما إلى سفر فعزم العبدان على قتله فلما عرف ذلك كتب على قتب رحله” من مبلغ الحيين أن مهلهلاً … لله دركما ودر أبيكما”، فقتلاه وعادا إلى الحي وقالا بأنه مات ولكن ابنته قرأت ما على القتب فقالت:إن مهلهلاً لا يقول هذا الشعر وإنما هو أراد ان يقول:

من مبلغ الحيين أن مهلهلاً … أمسى قتيلا في الفلاة مجندلا

لله دركما ودر أبيكما … لا يبرح العبدان حتى يقتلا

فضربوا العبدين حتى أقرا بقتله فقتلا، وتعتبر هذه هي نهاية البطل الزير سالم، الذي أفنى عمره في طلب الثأر وجمع الجماجم، حتى صار الموت عنده كالحياة، ونسي جميع اللذات، وفقد كل قريب أو بعيد كان معه في ذات المرات، وطويت بموته للثأر صفحات.

أشعار الزير سالم

أشعار الزير سالم
أشعار الزير سالم

كانت أشعار الزير سالم تتسم بالإثارة على الأخذ بالثأر، فقد كان يقيم لأخيه مناحة دائمة في شعره حتى تبقى الفجيعة به حية نابضة يشعر بها أفراد قبيلته كما يشعر بها هو نفسه، وكما عن معظم أشعاره رثا بها أخاه وكان يصف فيها دموعه وعيونه المقترحة وكان يكرر نداءه لأخيه ويذكر مآثره وكرمه وشجاعته، من أبيات شعره وهي:

خليلي لما الكل للدهر مني عواذل                      ألأنني كنت أنا لو كان ثمة كامل

نعى النعاة كليبًا لي فقلت لهم                           مادت بِنا الأرض أم مادت رواسيها

كليب لا خير في الدنيا ومن فيها                       إن أنت خليتها في من يخليها

  • وفي قصيدة أخرى لهُ قال:

إِنَّ في الصَدرِ مِن كُلَيبِ شُجوناً                        هاجِساتٍ نَكَأنَ مِنهُ الجِراحا

أَنكَرَتني حَليلَتي إِذ رَأَتني                   كاسِفَ اللَونِ لا أُطيقُ المُزاحا

وَلَقَد كُنتُ إِذ أُرَجِّلُ رَأسي                   ما أُبالي الإِفسادَ وَالإِصلاحا

بِئسَ مَن عاشَ في الحَياةِ شَقِيّاً               كاسِفَ اللَونِ هائِماً مُلتاحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً                       وَاِعلَما أَنَّهُ مُلاقٍ كِفاحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً                       ثُمَّ قولا لَهُ نَعِمتَ صَباحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً                       قَبلَ أَن تُبصِرَ العُيونَ الصَباحا

لَم نَرَ الناسَ مِثلَنا يَومَ سِرنا                  نَسلُبُ المُلكَ غُدوَةً وَرَواحا

وَضَرَبنا بِمُرهَفاتٍ عِتاقٍ                    تَترُكُ الهُدمَ فَوقَهُنَّ صُياحا

تَرَكَ الدارَ ضَيفُنا وَتَوَلّى                    عَذَرَ اللَهَ ضَيفَنا يَومَ راحا

ذَهَبَ الدَهرُ بِالسَماحَةِ مِنّا                    يا أَذى الدَهرِ كَيفَ تَرضى الجِماحا

وَيحَ أُمّي وَوَيحَها لِقَتيلٍ                     مِن بَني تَغلِبٍ وَوَيحاً وَواحا

يا قَتيلاً نَماهُ فَرعُ كَريمٌ                       فَقدُهُ قَد أَشابَ مِنّي المِساحا

كَيفَ أَسلوا عَنِ البُكاءِ وَقَومي              قَد تَفانَوا فَكَيفَ أَرجو الفَلاحا

  • ومن قصائده المشهورة فقال فيها:

يقول الزير أبو ليلى المهلهل                              وقلب الزير قاسي مايلينا

وإن لان الحديد ما لان قلبي                             وقلبي من الحديد القاسيينا

تريد أميه أن أصالح                                        وما تدري بما فعلوه فينا

فسبع سنين قد مرت علي                             أبيت الليل مغموما حزينا

أبيت الليل أنعي كليبا                                    أقول لعله يأتي إلينا

أتتني بناته تبكي وتنعي                                تقول اليوم صرنا حائرينا

فقد غابت عيون أخيك عنا                              وخلانا يتامى قاصرينا

وأنت اليوم يا عمي مكانه                             وليس لنا بغيرك من معينا

سللت السيف في وجه اليمامة                   وقلت لها أمام الحاضرين

وقلت لها ما تقولي                                   أنا عمك حماة الخائفينا

كمثل السبع في صدمات قوم                    أقلبهم شمالا مع يمينا

فدوسي يايمامة فوق رأسي                    على شاشي إذا كنا نسينا

فإن دارت رحانا مع رحاهم                       طحناهم وكنا الطاحنينا

أقاتلهم على ظهر مهر                           أبو حجلان مطلق اليدينا

فشدي يايمامة المهر شدي                  وأكسي ظهره السرج المتينا

 

في نهاية هذا المقال قد وقفنا على أهم محطات القصة الحقيقة لموت الزير سالم من مولده وحياته وصفاته وثأره لأخيه وكيف عاش يتغنى بالشعر في جميع محطات حياته، وقد بينا كيف انتهت حياته وكيف أن بموته طويت صفحات من الحروب والقتال الذي استمر أربعين سنة، وكما يسعدنا إن نستقبل ارائكم وتعليقاتكم حول هذا المقال، ودمتم بود.

Scroll to Top