موضوع عن الخشوع في الصلاة، وردت كلمة الخشوع في عديد من مواضع السنة النبوية، بالإضافة الى أنها وردت في آيات القران الكريم أكثر من خمسة عشر مرة، والتي كان يقصد بها التذلل بالقلب والخوف من الله سبحانه وتعالى، إذ عندما يتواجد التذلل الخوف في القلب، تخشع جوارح الإنسان بحيث أن الخشوع في القلب من ثم يظهر على الجوارح سواء أكان على الوجه أو على جسم الإنسان ككل، ولكن ان ظهرت معاني الخشوع على الوجه أو الجوارح بشكل عام دون أن يكون الخشوع في القلب أولا، يكون هذا الخشوع نفاق، لذلك سوف نعرض عليكم فيما يلي بشكل مفصل موضوع عن الخشوع في الصلاة.
محتويات
الخشوع في الصلاة
يعرف الخشوع لغة بأنه الخضوع والتذلل والسكون، إذ يقال خشع الإنسان لربه، أي بمعنى أنه خضع وتضرع لله سبحانه وتعالى، ويمكن أن يكون هذا الخشوع معبر عن سواء أكان في الجسم أو البصر أو الصوت، ويعرف الخشوع بالشرع بأنه تحقيق التذلل في القلب والخضوع والانكسار لله عز وجل، إذ أن الخشوع في الصلاة هو تفاعل الإنسان المصلي مع ما يتم قراءته ويتلوه من آيات القران الكريم في صلاته، إذ يستشعر الإنسان بأنه على صلة مع الله سبحانه وتعالى خلال الصلاة، إذ قال الله تعالى في سورة القلم بالآية رقم ثلاثة وأربعين ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ )، والتي تدل على مخافة الإنسان الخاشع من عذاب الله سبحانه وتعالى.
كيفية تحقيق الخشوع في الصلاة
هنالك عدة أمور يمكن أن يصل فيها المسلم للخشوع في صلاته، لذلك سوف نعرض عليكم فيما يلي كيفية تحقيق الخشوع في الصلاة، وهي ما يلي:
- الابتعاد عن الكلام مع النفس والتفكير بمشاغل الحياة، والتركيز الصحيح في الصلاة.
- النظر الى موضع السجود عند القيام، والنظر الجحر عند الجلوس، وعدم النظر الى الأعلى عند الدعاء الى الله.
- يفضل ارتداء اللباس الأبيض عند الصلاة، والابتعاد عن الملابس التي تلهي المصلي عن الخشوع.
- التقليل قدر المستطاع من الحركة أثناء الصلاة، والتقليل من الالتفات وعدم رفع الكم، وعدم التقصد بالأعمال الجائزة في الصلاة.
- يفضل كشف الوجه خلال الصلاة، بحيث تكره الصلاة عندما يكون على وجه الشخص لثام.
- قراءة ما تيسر من القران الكريم، دون عد الآيات التي تقرأ، لأن ذلك سوف يؤثر على خشوعك أثناء الصلاة.
- يفضل وضع حاجز أمام المصلي حتى لا يرى شيء يلهي عن الخشوع، أو مرور شيء من أمامك.
- التدبر في قراءة القران الكريم وفي معاني آياته، وخاصة التدبر في قراءة سورة الفاتحة، لأن يوجد في آيات القران العديد من الموضوعات مثل الجنة والنار والموت وغيرها من الأمور التي تجعل الإنسان يخشع.
- التذلل لله سبحانه وتعالى عند الركوع، وذلك من خلال التأمل في عظمة وملكوت وكبرياء وسلطان الله سبحانه وتعالى، مع استحضار تقصيرك وذنبك وفقرك الى الله.
- عند رفع الشخص من الركوع وقول سمع الله لمن حمده، علينا التفكر بشكر الله سبحانه وتعالى على النعم التي أنعم بها علينا.
- استحضار مقربة الله أثناء السجود، إذ أن موضع السجود هو موضع الاستجابة للدعاء ورفع الدرجات.
- استحضار معنى التشهد لما يحتويه من معاني جليلة وعظيمة، وذلك من خلال القاء التحية على الله سبحانه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى العباد الصالحين.
فوائد الخشوع في الصلاة
للخشوع في الصلاة عدة أهميات وفوائد تعود بالنفع على المؤمن، وهنالك العديد من الأدلة التي أشارت بفضل وفائدة الخشوع في الصلاة، ومن فوائد الخشوع في الصلاة ما يلي:
- أحد أسباب نجاة العبد من النار ودخول الجنة، قال الله تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ).
- الخشوع في الصلاة يجعل النفس تخاف الله سبحانه وتعالى، مما يؤثر بشكل ايجابي على سلوك العبد.
- الخشوع من أحد صفات الأنبياء، وذلك في قوله تعالى ( إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ).
- يعد الخشوع في الصلاة أحد الاسباب في قبولها، ومضاعفة الأجر في الصلاة.
- أحد أسباب دفع العذاب عن العبد، وأحد الأدلة على صلاح الإنسان وقبول عمله الصالح، وطهارة وسلامة قلبه.
- الخشوع في الصلاة أحد أسباب الوقاية والحماية للعبد، ورد عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( عينان لا تمسهما النار، عين بك من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله ).
- الخشوع يكفر الذنوب عن العبد، ورد عن عثمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشُوعَهَا، وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ، مَا لَمْ يأْتِ كَبيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ).
ما هو حكم الخشوع في الصلاة
اختلف العلماء على حكم الخشوع في الصلاة، فمنهم من قال أنها واجبة ومنهم من قال أنها مستحبة، ولكن الأغلب قالوا بأن الخشوع في الصلاة سنة، والدليل على ذلك بعدم بطلان الصلاة لمن يفكر في أمور الدنيا خلال الصلاة، ويتم الحكم على صلاته بأنها صحيحة وخاصة عندما تكون أفعال الصلاة صحيحة، ومن العلماء اللذين ذهبوا لوجوب الخشوع في الصلاة الامام ابن تيمية، واستدل بذلك بقوله تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ).
اختلف الامام الغزالي مع العلماء في حكم الخشوع في الصلاة، إذ قال أن الخشوع في الصلاة أحد شروط صحتها، واستدل بذلك بعدة مواضع سواء من السنة النبوية أو القران الكريم، وذلك في قوله تعالى ( وأقم الصلاة لذكري )، إذ أن الظاهر في الآية يفيد الوجوب، وأن الغافل عن الصلاة غير مستوفي الخشوع، لا يكون مقيم للصلاة، إذ أن الغافل في الصلاة ولا يكون خاشع يفيد التحريم، واستدل من السنة النبوية في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( مَنْ لَمْ تَأْمُرْهُ صلاتُهُ بالمعروفِ وتنهاه عنِ المنكرِ لم يزْدَدْ مِنَ اللهِ إلَّا بُعْدًا ).
قصص عن الخشوع في الصلاة
أصاب عروة بن الزبير ابن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة رضي الله عنهم وأرضاهم مرض برجلة يسمي داء الأكلة، وكان علاجه أن يتم قطع قدمة حتى لا ينتشر المرض في باقي أعضاء الجسد، ولهذا كان علي عروة أن يشرب بعض الخمر ليغيب عن الوعي وبالتالي لا يشعر بالألم الشديد حينما يتم بتر قدمة، فرد عروة بن الزبير: أيغيب قلبي ولساني عن ذكر الله، والله لا أستعين أبداً بمعصية الله علي طاعية، فقالو له أنهم سوف يأتوا برجال تمسك به، فقال عروة: أنا أعينكم علي نفسي، فأجابوا في دهشة: لن تطيق، فقال عروة: أتركوني أصلي وانتظروا فإذا وجدتموني لا أتحرك وقد سكنت جوارحي حتي أسجد، فإذا سجدت فافعلوا بي ما تشاؤون فما عدت في الدنيا، وبالفعل جاء الطبيب وانتظر حتي سجد عروة فأتي بالمنشار وقام بقطع قدمة فلم يتألم ولم يصرخ عروة، بل كان يقول: لا اله إلا الله رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلي الله علية وسلم نبياً ورسولاً حتي أغمي علية وهو لم يصرخ صرخة واحدة ولم يطلق آه واحدة، فلما أفاق نظر إلى قدمة وقال: أقسم بالله أنى لم أمش بك إلى حرام ويعلم الله ذلك، ويعلم الله كم وقفت عليك قيام الليل لله عز وجل، فأسرع أحد الصحابة يقول : أبشر يا عروة فقد سبقك أحد أعضائك إلى الجنة، فقال عروة والله ما عزاني أحد بأفضل من هذا العزاء.
وهنا نكون قد وصلنا واياكم لنهاية المقالة، والتي عرضنا عليكم من خلالها موضوع عن الخشوع في الصلاة، وهو فوائد الخشوع في الصلاة، وكيفية خشوع العبد أثناء الصلاة، وما هو قول وحكم الخشوع في الصلاة عند أهل العلم، وقصة عروة بن الزبير في خشوعه بالصلاة، دمتم بود.