هل تجوز الرحمة على غير المسلم

هل تجوز الرحمة على غير المسلم، من أكثر الأمور التي يتساءل عنها الناس، وخاصة في ظل انتشار الكثير من الأديان المختلفة، سواء النصرانية او اليهودية أو غيرها من الأديان التي تتواجد في عالمنا، فحين نسمع أحدهم قد ترحم على شخص غير مسلم، يعود السؤال مرة أخرى، ويحتار القلب والعقل في اجابته، فنحن المسلمون بفطرتنا نميل للرقة والطيبة، فنحزن على جميع الموتى سواء كانوا من ديانتنا أو غير ديانتنا، ونخاف الموت بشدة حين نسمع عن وفاة احدهم، ولكن كل المشاعر التي تظهر بداخلنا سواء حزننا على الميت أو حزننا على أنفسنا من شدة الخوف من لقاء الله، لا يجب أن تخالف العقيدة الإسلامية، ولا يجب أن نتفوه بأي شيء نهت عنه العقيدة، لذلك قبل ان نترحم على أي شخص غير مسلم علينا معرفة رأي العقيدة الاسلمية بهذا الامر ومعرفة حكمه وتنفذه حتى لا يغضب الله منا وننال الاجر الكبير، وهنا سنوضح راي الإسلام بما يخص الترحم على غير المسلم.

المقصود بالترحم على الميت

المقصود بالترحم على الميت
المقصود بالترحم على الميت

الترحم مشتق من الرحمة، وهو يعني أن نطلب من الله وندعوه برحمة الميت، كقولنا: رحمه الله، أو رحمة الله عليه، والرحمة لها الكثير من المعاني الطيبة والجميلة حيث انها تعني العطف والرقة والمغفرة واللين، ورحمة الله واسعة تسع كل شيء في هذه الدنيا، وهي تضم المؤمنين والكافرين من حيث توفير أسباب الحياة، والرزق والكثير من الرحمات التي يمن الله على عباده بها، ولكن هناك رحمة حقيقية، وهي الرحمة التي يهبها الله للمؤمنين في الاخرة، وهذا ثواباً لهم على صبرهم، وطاعتهم لله بالدنيا، وقيامهم بالأعمال الصالحة، وابتعادهم عن المعاصي، وتنفيذهم لأوامر الله.

حكم الرحمة على غير المسلم

حكم الرحمة على غير المسلم
حكم الرحمة على غير المسلم

أجمع الفقهاء على ان الترحم على غير المسلمين لا يجوز، سواء كانوا من النصارى أو اليهود أو من ديانات أخرى، كما أن أئمة المذاهب الأربعة أجمعوا على تحريم الترحم لغير المسلمين، حيث قال تعالى ” مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ” {التوبة:113}، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” والذي نفسي بيده؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، ولا يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار” رواه مسلم وغيره، وقال الشيخ ابن تيمية في مجموعة من الفتاوي ان الله حين قال “ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين “، كان المقصود من الاعتداء في الدعاء هو أن يسأل العبد ربه بشيء لن يفعله الله، وهذا كان يسأل الله أن يمنحه منازل الأنبياء وهو ليس منه، وعلى قياس هذا الامر تكون طلب الرحمة والمغفرة للمشركين من الأمور التي لن يفعها الله لأنهم ماتوا على كفرهم به، ولم يعبدوه، ولم يفعلوا أي شيء يغفر لهم معاصيهم ويبدل جزائهم من النار للجنة.

ادلة من الكتاب على عدم جواز الترحم أو طلب المغفرة للكافرين

ادلة من الكتاب على عدم جواز الترحم أو طلب المغفرة للكافرين
ادلة من الكتاب على عدم جواز الترحم أو طلب المغفرة للكافرين

وردت الكثير من النصوص القرآنية التي تؤكد أن الكافرين مخلدين في النار ولن يخرجوا منها، وأن الجنة قد حُرمت عليهم، وهذا لان الله لعنهم نتيجة لكفرهم وعدم ايمانهم به، وارتكابهم المعاصي، وهذه الآيات الدالة على ذلك:

  • قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (36) المائدة.
  • قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (162) البقرة.
  • قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6) البينة.
  • قال الله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) البقرة.
  • قال الله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (68) التوبة.
  • قال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} (4) الإنسان.
  • قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}(91) آل عمران.
  • قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (48) و(116) النساء
  • قال الله تعالى:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) آل عمران.
  • قال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} (102)
  • قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (102) النساء
  • قال الله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (12) آل عمران.

هل معاملة الرسول لأهل الكتاب معاملة حسنة تعني ان يترحم عليهم المسلمون بعد موتهم

هل معاملة الرسول لأهل الكتاب معاملة حسنة تعني ان يترحم عليهم المسلمون بعد موتهم
هل معاملة الرسول لأهل الكتاب معاملة حسنة تعني ان يترحم عليهم المسلمون بعد موتهم

كان الرسول على أحسن خلق، كما أننا نعرف الكثير من القصص النبوية التي وضحت لنا بشكل كبير كيفية معاملة الرسول لأهل الكتاب، وأنه كان يعاملهم معاملة حسنة، وكان رحيماً بهم، على رغم اذاهم له، ولكن هذا لا يعني أن الترحم على أموات الكفار جائزاً، لأن الله نهى الرسول والمسلمين من بعد رسول الله أن يستغفروا للكافرين، حتى لو كانوا هؤلاء الكافرين من أقرب الناس لهم، وهذا يختلف اختلافاً تاماً عن الدعاء للكافرين بالهداية وهم احياء، وهذا الأمر جائز، لأن المسلم حين يدعو لهم بالهداية في حياتهم، فهو يتمنى أن يدخلوا الاسلم، أي يدعو لهم رغبة في اسلامهم، وهذا واضح لنا حيث ان النبي دعا لدوس وقد كانوا كفاراً، حين قال: اللهم اهد دوساً وائت بهم، فالمقصد هنا أن النبي دعا لهم بالهداية رغبة منه لدخولهم الإسلام، أما الدعوة لهم بعد موتهم فهذا الامر غير جائز.

هل تجوز صلاة الجنازة لغير المسلمين

هل تجوز صلاة الجنازة لغير المسلمين
هل تجوز صلاة الجنازة لغير المسلمين

عرفنا ان الترحم على غير المسلمين أمر غير جائز، أما الدعاء لهم في حياتهم فهو جائز، بينما فيما يتعلق بصلاة الجنازة لغير المسلمين فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بجنازة رجل يهودي، وصلى بها، حيث أخرج البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: “مرت جنازة، فقام لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله؛ إنها يَهُودِيَّةً! فَقَالَ: إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا”، أي اننا لو مرننا بجنازة غير المسلمين فمن الجائز القيام بها، وهذا لان رسول الله قد قام بهذا الأمر وقد أجازه ولم ينهانا عنه.

وهكذا نكون قد وصلنا لإجابة عن سؤال “هل تجوز الرحمة على غير المسلم؟”، والاجابة بإجماع أئمة المذاهب الأربعة هي تحريم الدعاء للكافر الميت سواء بالرحمة أو المغفرة، والجائز في ما يخص الدعاء لغير المسلمين، هو الدعاء لهم بالهداية في حياتهم، لأن بهذا الامر يكون الداعي راغباً لدخول الكافر في الدين الإسلامي، كما أنه يجوز صلاة الجنازة عليهم، وهذا تأسياً بمنهج رسولنا الكريم، وقد ذكرنا الأدلة على خلود الكافرين في نار جهنم، وأن الدعاء لهم لن يغير قدرهم، فهم خالدون مخلدون في النار.

Scroll to Top