ترتيب سورة القصص في المصحف، سورة القصص هي سورة مكية ماعدا ايتين وهي الآية 52 والآية 85 فهذه الآيات مدنية، روى بعض التابعين ان سورة القصص نزلت أثناء هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولهذا السبب اختلف الكثير في تصنيفها، أما الشائع هو تصنيفها بأنها مكية ما عدا الآيتين اللتان قمنا بتوضيحهما، وسورة القصص تعد السورة التاسعة والأربعين من حيث نزولها على النبي، والثامنة والعشرين في ترتيب المصحف الشريف، وعدد آياتها ثمان وثمانون آية، كما أن عدد كلمات سورة القصص ألفٍ وأربعمئةٍ وواحد وأربعين، وعدد حروفها خمسة آلاف وسبعمئة وواحد وتسعين، وبعد أن ذكرنا المعلومات الأساسية المتعلقة بسورة القصص، سنتحدث عنها بشكل مفصل أكثر، ونتعرف عليها بشكل واضح.
محتويات
سبب تسمية سورة القصص بهذا الاسم
سميت سورة القصص بهذا الاسم، لأن الله تعالى قام بذكر قصة سيدنا موسى فيها بشكل مفصل وواضح جداً منذ ولادته وحتى رسالته، كما انها قصت قصة قارون الذي كان من قوم موسى، وكيف بعد أن تجبر بالأرض انزل الله عليه الهلاك، كما ان في هذه السورة قصة قام موسى بقصها على شعيب عليهما السلام، وكان فيها الكثير من الغرائب التي يظهر فيها بشكل واضح عناية الله بأوليائه الصالحين، وكيف يحميهم من اعدائهم، وبينت الآيات كيف يخذل الله اعدائه.
الفكرة العامة من سورة القصص
وضحت الآيات في سورة القصص عظمة القرآن الكريم، وبينت أن اهل الكتاب سواء كانوا النصارى وهم اهل الانجيل، او اليهود وهم اهل التوراة يعرفون القرآن الكريم حق المعرفة ويعرفون صحته، وبينت الآيات ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم غير قادر على هداية من يريد ويحب، وانما الله هو القادر على أن يهدي خلقه ورشدهم لطريق الصلاح، ويستطيع الله أن يضل عن طريق الصلاح من يشاء، فهو الاعلم بما في قلوب عباده، كما أنها وضحت أن للنبي هداية البيان، أما وضع الايمان في القلوب فهذا أمر لا يستطيع القيام به إلا الله.
محور مواضيع سورة القصص
سورة القصص من السور المكية، والسور المكية تهتم بجانب العقيدة والرسالة والتوحيد والبعث، وتتفق هذه السورة سواء كان في ما يخص منهجها أو هدفها مع سورتي الشعراء والنمل، كما انها تتفق معهم في سبب النزول، فهي جاءت مفصلة وموضحة ومكملة لما تم اجماله في هاتين السورتين.
سبب نزول سورة القصص
هناك العديد من الروايات التي وردت في سبب نزول سورة القصص، فهي تعتبر من السور التي كر السلف أسباب نزولها بشكل واضح، وهذه الروايات التي جاءت عن السلف فيما يخص أسباب نزول سورة القصص كما يلي:
- عن أبي سعيد بن المسيب، قال: “لمَّا حضرتْ أبا طالبٍ الوفاةُ، جاءَهُ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فوجد عندَهُ أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- : يا عمّ، قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله سبحانه وتعالى، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملَّةِ عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعرضها عليه ويعاودانهِ بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به: أنا على ملَّة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “والله لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك”، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”.
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعمِّهِ: “قلْ لا إله إلا الله أشهد لكَ بها يومَ القيامةِ، قالَ: لولا أنْ تعيِّرنِي قريشُ -يقولونُ: إنَّه حملَهُ على ذلك الجزعُ- لأقرَرْتُ بها عينكَ، فأنزل الله تعالى: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”.
فضل سورة القصص
لم تذكر أي أحاديث عن النبي تبين فضل سورة القصص، ولكن ذكر ابن إسحاق أنه قد قدم عشرون رجلاً من النصاري على النبي وهو بمكة، فقام رسول الله بدعوتهم للإسلام، وقام بتلاوة آيات القرآن عليهم، وعندما سمعوا هذه الآيات فاضت اعينهم بالبكاء، واستجابوا لدعوة رسول الله، وآمنوا به، وصدقوه، وقد قيل أن فيهم نزلت هذه الآية من سورة القصص وهي “الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون”.
مقاصد سورة القصص
قال سيد قطب رحمه الله ملخصاً مقاصد هذه السورة: “هذه السورة مكية، نزلت والمسلمون في مكة قلة مستضعفة، والمشركون هم أصحاب الحول والطَّول والجاه والسلطان. نزلت تضع الموازين الحقيقية للقوى والقيم، نزلت تقرر أن هناك قوة واحدة في هذا الوجود، هي قوة الله، وأن هناك قيمة واحدة في هذا الكون، هي قيمة الإيمان. فمن كانت قوة الله معه فلا خوف عليه، ولو كان مجرداً من كل مظاهر القوة، ومن كانت قوة الله عليه فلا أمن له، ولا طمأنينة، ولو ساندته جميع القوى، ومن كانت له قيمة الإيمان فله الخير كله، ومن فقد هذه القيمة، فليس بنافعه شيء أصلاً”، وهناك العديد من المقاصد لسورة القصص، وهي:
- نوهت سورة القصص بشأن القرآن، حيث قالت للمشركين أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بسورة مثله.
- فصلت سورة القصص ما تم اجماله في سورة الشعراء، من قول فرعون لموسى “ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين” (الشعراء:18-19)، فقد فصلت سورة القصص كيف كانت تربية موسى في بيت فرعون، ووضحت السبب وراء زوال مُلك فرعون.
- وقام سورة القصص بتفصيل ما تم اجماله في سورة النمل من قوله تعالى: “إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون” (النمل:7)، فقامت سورة القصص كيف سار موسى مع اهله، وأين آنس النار، كما أنها قامت بوصف المكان الذي نودي فيه بالوحي، وذكرت دعوة موسى لفرعون وغيرها الكثير من القصص التي فصلتها هذه الصورة.
- من أهم مقاصد هذه الصورة تحدي المشركين.
- وضحت سورة القصص اقتراب هجرة المسلمين إلى المدينة.
ومن خلال هذا المقال استطعنا معرفة جميع محاور سورة القصص، وترتيب سورة القصص في المصحف، وعرفنا سبب نزولها، والقصص التي تناولتها، وسبب تسميتها بهذا الاسم، وذكرنا المقاصد لسورة القصص، وهذا كله يجعلنا محيطين بالمعلومات الوافية عن سور وآيات القرآن الكريم، ولا ننسى أن الله أمرنا بتلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتدبره أيضاً.