من مفسدات الصوم

من مفسدات الصوم، صوم شهر رمضان هو عبارة عن الامتناع الكلي عن المأكل والمشرب من وقت شروق الشمس وحتى وقت غروبها، وصوم شهر رمضان هو الركن الرابع من اركان الإسلام، فهو عبادة فرضها الله علينا، وهي واجبة على كل مسلم عاقل بالغ، لقوله تعالى “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، وصوم شهر رمضان لا يتحقق الا اذا توفر ركنين أساسيين وهما النية التي محلها القلب، وما يؤكد أنها ركن من اركان صحة الصوم قول رسول الله “من لم يبيِّتِ الصِّيامَ قبلَ الفَجرِ، فلا صيامَ لَهُ”، والركن الثاني من اركان صحة الصوم هو الإمساك عن جميع المفطرات منذ طلوع الفجر، وحتى غروب الشمس لقوله تعالى “وكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”، ولأن للصوم مفسدات قد يجهلها الكثير من الناس، سيدور الحديث في مقالنا عن مفسدات الصوم.

مفسدات الصوم المتفق عليها

نعني بمفسدات الصوم هي التي تبطل الصوم، أي تجعل الصوم غير صحيح، والشخص الذي يبطل صومه في شهر رمضان، عليه أن يمسك بقية يومه، ويقضي هذا اليوم بعد ذلك، و من مفسدات الصوم المتفق عليها ما يلي:

  • الأكل والشرب المتعمد:
    • اتفق أهل العلم على أن الاكل والشرب المتعمد في نهار رمضان يبطل الصيام، كما أن صاحبه سيؤثم.
    • على الشخص الذي أكل أو شرب في نهار رمضان متعمداً، ان يمسك باقي يومه، ويقضي بعد ذلك، وليس له كفارة.
    • الاكل والشرب من غير قصد لا يبطل الصيام، وليس له قضاء او كفارة، والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَن نَسِيَ وَهو صَائِمٌ، فأكَلَ، أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ”.
    • اذا رأى أي شخص شخصاً آخراً يأكل أو يشرب سهواً، أن ينبهه أنه صائم.
    • من ابتلع ما بين اسنانه من بقايا الطعام، وكان هذا الطعام قليلاً، فلا يعد صيامه باطلاً.
    • اذا تعمد أي شخص ابتلاع الأشياء التي لا تؤكل مثل العملات أو المعادن، فهذا يعتبر من مفسدات الصوم، واستدل الفقهاء على ذلك بقول الامام النووي “إذا ابتلع الصائم ما لا يُؤكل في العادة؛ كدرهمٍ، أو دينارٍ، أو ترابٍ، أو حصاةٍ، أو حديدٍ، أو حشيشٍ، أو خيطٍ؛ أفطر بلا خلافٍ عندنا، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وداود، وجمهور العلماء من السلف والخلف”.
  • الابر المغذية:
    • لأنها تفعل ما يفعله الطعام والشراب بالجسم، فينطبق عليها حكم من أكل وشرب متعمداً.
    • بينما الابر الغير مغذية سواء تم أخذها في العضلات، أو في الوريد فلا تعتبر من مفسدات الصوم.
  • الجماع:
    • اتفق جميع العلماء والفقهاء على ان الجماع يبطل الصيام لو حدث في نهار رمضان، واستدلوا على هذا بقوله تعالى “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم “بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ”.
  • الحيض والنفاس والولادة:
    • يعتبر الحيض والنفاس والولادة من مفسدات الصوم، وهذا لأن دم الحيض والنفاس يؤدي لإفساد الصوم.
    • لو نزل دم الحيض او النفاس قبل غروب الشمس بلحظات قليلة، يجب على المرأة ان تفطر، وتقضي هذا اليوم بعد ان تتطهر من الحيض او النفاس.
    • استدل العلماء على ان دم الحيض او النفاس من مفسدات الصوم بقول أم المؤمنين عائشة، حيث قالت: “ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ”.
  • الاستقاءة:
    • الاستقاءة تعني أن يتعمد الشخص القيء، أي يخرج ما في جوفه متعمداً.
    • اجمع الشافعية والمالكية والحنابلة على ان الاستقاءة من مفسدات الصوم، ويجب القضاء نتيجة لها، واستدلوا على اجماعهم بان الاستقاءة من مفسدات الصوم، بقول رسول الله “مَنْ ذرعَهُ القيءُ فليس عليه قضاءٌ، ومنِ استقاء عمدًا فلْيقضِ”.
    • الحنفية قالت أن هناك شروط للاستقاءة حتى تصبح من مفسدات الصوم، حيث يشترط أن يكون الصائم متعمد، ومتذكر للصيام، ويكون القيء ملء فمه.
  • الردة:
    • الردة لغةً تعني الرجوع عن الشيء أما شرعاً فهي تعني خروج المسلم عن دينه.
    • اجمع العلماء والفقهاء أن الردة من مفسدات الصوم.
  • دخول شيء إلى الجوف من منفذ مفتوح:
    • دخول أي شيء للجوف يفسد الصوم وهذا ما اجمع عليه الائمة الأربعة، مستدلين على ذلك بما ورد في الأثر عن الصحابة-رضي الله عنهم-، ومنهم: ابن عباس -رضي الله عنه-، وعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ إذ قالوا: “الفطر ممّا دخل، وليس ممّا خرج”.

مفسدات الصوم غير المتفق عليها

مفسدات الصوم غير المتفق عليها
مفسدات الصوم غير المتفق عليها

مثلما وضحنا الأمور التي تفسد الصوم والتي اتفق عليها أهل العلم، سنوضح الآن الأمور التي تفسد الصوم ولكن اختلف فيها اهل العلم، فبعضهم أقر أنها تفسد الصوم وبعضهم الآخر أجمع على أنها لا تفسد الصوم، ونحن هنا سنذكرها لأخذ الاحتياط:

  • الاغماء:
    • أجمع العلماء على أن الاغماء من مفسدات الصوم، ويجب على الشخص القضاء في حالة الاغماء في نهار رمضان.
    • الامام الحسن البصري خالف العلماء في هذا الامر، حيث اتجه الى عدو وجوب القضاء في حال الاغماء.
    • والدليل الذي اتخذه الامام الحسن البصري على قوله بأن الاغماء لا يوجب القضاء هو أن عند الاغماء يزول العقل، وهذا الامر يمنع وجوب الأداء، أما وجوب القضاء يكون مبنياً على وجوب الأداء.
  • الجنون:
    • أجمع العلماء على ان المجنون صيامه باطل حيث قال ابن تيمية “وأمّا المجنون الذي رُفع عنه القلم؛ فلا يصحّ شيء من عبادته، باتّفاق العلماء”، وأضافوا في استلالهم أيضاً الحديث الذي روي عن علي بن أبي طالب حيث قال: “يا أميرَ المؤمنين، أما علِمتَ أنَّ القلمَ قد رُفِع عن ثلاثةٍ؛ عن المجنونِ حتَّى يبرأَ، وعن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يعقِلَ”.
    • قال العلماء ان المجنون جنونه ملازم له ومطبق فصيامه باطل، أما لو كان الجنون مؤقت فيجب عليه الصيام.
  • الحُجامة:
    • اتفقت الحنفية والمالكية والشافعية على أن صيام المحجوم صحيح.
    • ما اختلف به العلماء بما يخص الحجامة هو حكمها للصائم.
    • حيث ان الحنفية اجازتها اذا كانت لا تؤدي لضعف الصائم، وكرهتها اذا اضعفت الصائم.
    • أما رأي المالكية فقد حرموها للصائم.
    • والحنابلة قالوا انها من مفسدات الصوم، وهذا مثلما قال ابن قدامة -رحمه الله-: “الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم”.

وهكذا نكون قد وصلنا لختام مقالنا، بعد أن وضحنا من مفسدات الصوم التي اتفق عليها اهل العلم، ومفسدات الصوم التي لم يتفق عليها أهل العلم، وهذا حتى بأخذ الانسان حذره، ويبتعد عن كل أمر قد يفسد صومه، وحتى يستطيع المسلم فهم جميع الأمور التي قد تجعل صومه غير صحيح، ويبتعد عنها، ويعرف ماذا يقع عليه لو قام بفعل أحدها.

Scroll to Top