خطبة عن النزاهة ومكافحة الفساد، الخطبة من الأشياء التي تلفت انتباه السامعين بشكل كبير، لهذا يوجد خطبة يوم الجمعة، لتقديم النصيحة للناس واثارة عواطفهم، ومحاولة اقناعهم بالأمر الذي تتحدث عنه الخطبة، حيث ان الخطيب حين يجد احد الأمور المنتشرة في المجتمع والتي يجب إيجاد حل سريع لها، يقوم الخطيب بكتابة خطبة متكاملة العناصر وملفتة لانتباه السامعين، ويقوم بإلقائها على الناس، ومن خلال هذه الخطبة يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي موضوع خطبتنا اليوم فنحن نتحدث عن خطبة عن النزاهة ومكافحة الفساد، فالنزاهة تعني الصدق والابتعاد عن الشبهات، بينما الفساد فيصيب المجتمعات بأضرار يجب علينا التخلص منها، ومكافحة الفساد من خلال الكثير من الأمور التي سنتحدث عنها في خطبة عن النزاهة ومكافحة الفساد.
محتويات
خطبة عن الفساد الإداري والمالي
الخُطبة هي فن أدبي نثري، يقوم به الخطيب بمخاطبة فئة معينة من الناس والهدف الأساسي من الخُطبة هو اقناع الناس بالأمر الذي تتحدث عنه الخطبة، كما ان الخطيب يقوم بعرض موضوع الخطبة على الناس وتقديم العديد من الشواهد والآيات القرآنية التي تعمل على اقناع السامعين واثارة عواطفهم.
خطبة عن النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، الصادق الأمين سيدنا محمد، ومن سار على دربه بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أنه لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، وأّن محمّدًا عبدك ورسولك، إن الدين الإسلامي هو دين الخير والصلاح، يدعو الناس لما فيه خير، وينهاهم عن كل شر، ومن أهم ما ينهى عنه الدين الإسلامي هو الفساد، فالفساد له آثار وخيمة على المجتمعات التي نعيش فيها مثل:
- ضياع الحقوق من أصحابها.
- ضياع الأملاك.
- ضيق في الرزق.
- سقوط الاخلاق.
وحين ينتشر الفساد في مجتمعاتنا تتحول هذه المجتمعات لغابة، وتنتشر فيها شريعة الغاب، حيث القوي يسيطر على الضعيف، كما ان الفساد وباء قاتل، ينتشر في المجتمعات انتشار النار في الهشيم، وكل الشرائع السماوية نهت عن الفساد وأمرت بالنزاهة، ودعت الناس جميعاً لمكافحة الفساد، حيث قال تعالى: “وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”، كما قال تعالى: “وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ “،وقال تعالى: ” وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا “، ولا يقتصر النهي عند هذا الحد، فقد تناول القرآن الكريم ما يقارب خمسين أية تدعو لمكافحة الفساد، والالتزام بالنزاهة، وهذا ان دل فيدل على الخطر الذي يخلفه الفساد في المجتمعات، واخطر أنواع الفساد هو الفساد الذي ينتشر في الأرض، لأنه يخالف دعوة الأنبياء الذين بعثهم الله لإصلاح الأرض واعمارها، وكان الرسل كافة يدعون لمكافحة الفساد في الأرض وانتشار النزاهة، وحيث قال الرسل ما يلي:
- قال النبي صالح عليه السلام لقومه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74].
- كان النبي شعيب يقول لقومه: ﴿ وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85].
- قال موسى عليه السلام لأخيه هارون: ﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142].
- كما أن الصالحين من البشر قالوا لقارون: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].
وهناك الكثير من صور واشكال الفساد الذي تنتشر في مجتمعاتنا ومن اشكال الفساد، الشرك بالله والصد عن سبيل الله، حيث قال تعالى ” الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ”، كما ان النفاق من اشكال وصور الفساد، وكل ما يندرج تحت النفاق من نقض العهد والكذب يعتبر فساد، لأن فيه تضليل للناس وابعادهم عن الطريق الصحيح للدين الإسلامي، فقد قال تعالى” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ”، وتكذيب الرسل أيضاً من صور الفساد، كما أن التطفيف في الكيل يعد احد صور الفساد الخطيرة، والتي نجدها منتشرة في مجتمعاتنا بكثرة، فقد قال تعالى “فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا”، وأكد الله تعالى ان قطع الارحام يعد من الفساد وهذا الأمر خطير جداً ويجب على الناس مكافحته من خلال وصل الارحام، والاسراف أيضا من صور الفساد التي نلاحظها كثيراً، ومن صور الفساد التي لا يشعر الناس بخطرها على المجتمع بشكل عام هي التكبر على الناس، حيث أن الكثير من الناس تجدهم ينظرون لأنفسهم انهم افضل من باقي الناس، وهذا الأمر بحد ذاته جريمة كبيرة، فالدين الإسلامي دعانا للنزاهة والصدق والابتعاد عن الشبهات، كما امرنا بمكافحة الفساد والابتعاد عن اي عمل يندرج تحت قائمة الفساد، ومن هذه الاعمال ارتكاب المعاصي واشعال الحروب بين الناس، فقال تعالى في هذا الامر “كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”، وهذا ان دل فيدل على الخطر الذي ينجم عن اشعال الحروب بين الناس، وان هذا الامر سينشر الفساد في الأرض، ولن تنتشر النزاهة حينها، كما ان القتل الذي نجده عادة في عصرنا الحالي يعتبر من صور الفساد، وقال تعالى مبيناً خطر القتل، وانه من صور الفساد التي لا تجلب الخير ابداً للأمة “مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَـٰهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً”[المائدة:32]، ومن صور الفساد زعزعة استقرار وأمن الدولة، حيث يعم حينها الدمار والفوضى، كما ان زعزعة استقرار الدولة يعمل على الفرقة بين الناس، وهذا حال مجتمعاتنا العربية في العصر الحالي، وهذا لن يرفعنا لأعلى، بل سيجعلنا في القاع، لأن الفرقة والتحزب لا تنفع الأمة، والوحدة والنزاهة هي التي ترفع شأن الامة فقط، والتعدي على أموال الدولة وتدمير منشآتها والرشاوي والنهب الذي ينتشر في الدول كل هذا من صور الفساد في الدولة، والذي من شأنه تدمير هذه الدول تدميراً فادحاً، ويجب علينا الوقوف معاً يداً بيد لمكافحة الفساد في الأرض، ونشر النزاهة والصدق فيها، والابتعاد عن كل الشبهات، لأن المجتمعات التي تنتشر فيها النزاهة وتكافح الفساد تصبح مجتمعات متقدمة ومتطورة، بينما المجتمعات التي يسودها الفساد فهي مجتمعات لن تتقدم أبداً، وتنحدر وتنهار حتى تصبح في القاع، لذا يجب علينا التعاون والتكافل من اجل إزالة كل صور الفساد، ومكافحة الفساد بكل ما اوتينا من قدرة، ويجب علينا تشجيع الناس على الالتزام بالنزاهة التي بدورها تجعل الانسان صادق وتجعل المجتمعات مستقرة، والتمسك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذا من شأنه محاربة الفساد.
وهكذا نكون قد انهينا مقالنا الذي تناولنا فيه الحديث عن النزاهة ومكافحة الفساد، كما انا تناولنا مجموعة من آثار الفساد على المجتمعات، وتناولنا آيات قرآنية تحذر من الفساد وتدعو للنزاهة ومكافحة الفساد، ووضحنا صور واشكال الفساد التي نجدها للأسف منتشرة انتشاراً واسعاً في مجتمعاتنا.