يعد العمق التاريخ من المقومات الحضارية المؤثرة في الدولة، قام الباحثون المعنيون بحصر الحضارات الكبيرة والتي تم التعرف عليها خلال فترة الستة آلاف سنة الماضية على أنها تتعدى الخمسة عشر حضارة أو أقل من ذلك بقليل، ومصطلح الحضارة أوتعريف الحضارات هو مبحث موضوع مختلف عليه ويطول شرحه لكونه متشعب وكثير التفرعات، ولكن هناك شبه اتفاق بأن الحضارات لها مقومات تعمل على بزوغها وازدهارها تكمن في عنصرين رئيسيين : العنصر الأول والذي يمثل العقيدة أو الفكر الديني الذي تستند اليه الحضارة، العنصر الثاني يمثل الطاقة والمقصود بالطاقة هنا يشمل الطاقة البشرية والإنتاجية، وسنتحدث الآن عن أهمية التاريخ في الحضارات لنرى توضيح العبارة التالية من خلالها : يعد العمق التاريخ من المقومات الحضارية المؤثرة في الدولة.
محتويات
ما هي الدولة
تعرف الدولة لغوياً الظفر بالمال والحرب؛ أي الفوز والغلبة بهما، أما اصطلاحاً فهي تعني وجود مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون في مساحة جغرافية معينة ويقومون بممارسة أنشطتهم وحياتهم اليومية فيها، كما ويخضعون فيها لنظام سياسي محدد متفق عليه من قبلهم من أجل تدبير شؤون هذه الدولة، كما وتشرف الدولة على العديد من الأنشطة فيها ومنها الأنشطة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وذلك بهدف تطوير حياة أفراد الشعب للأفضل، ووالعمل على الازدهار والتقدم في الدولة.
يعد العمق التاريخ من المقومات الحضارية المؤثرة في الدولة
على مر العصور والزمان كان هناك العديد من الأبطال والعباقرة الذين قاموا بتغيير تاريخ الحضارات في شتى دول العالم، حيث كان هؤلاء الأشخاص يغيِّرون مجرى التاريخ وذلك يعود إلى ما يتمتعون به من مواهب شخصية فذة تفوق الحد المألوف، فمثلًا شخصية نابليون بونابارت غيَّرت مجرى تاريخ في فرنسا وتاريخ عموم أوروبا، وربما حتى تاريخ العالم كله، وكان هناك العديد من الحوادث الفردية التي كان لها الأثر الكبير في توجيه التاريخ كله والدول المعاصرة لتلك الحقبات الى وجهةً مخالفة، فقد قال باسكال : إن أنف كليوباترا لو كان أكبر قليلًا؛ لتغيَّر وجه التاريخ؟!! كما أكد لنا التاريخ الحديث أن الحرب العالمية الأولى قد وقعت بسبب مقتل أمير سراجيثو!! يفسر البعض التاريخ السياسي والحضاري للدول على هذا النحو الفردي، ففي المجال السياسي يفعل الحكام والملوك كل شيء حسب رغباتهم فكل شيء في دولهم كان يحدث تبعاً لأهوائهم الشخصية، كما أن في ميدان الحضارة يظهر على غرار ذلك أشخاص مؤثرين ذوي شخصيات عبقرية فذة تحدث على أيديهم أهم الانقلابات والانجازات الحضارية في مجال العلم والفلسفة والفن والدين،فعبر الزمان والمكان تأكد الانسان من العلاقة المتبادلة بين الفرد في المجتمع وصنع التاريخ ودوره المهم في توجيه الحضارة، ومن الشروط الأساسية لتأثير الفرد في المجتمع هو أن يكون اتجاه سلوك هذا الفرد ونشاطاته تستجيب لحاجات أساسية في المجتمع الذي يعيش فيه فإذا أردنا وصف علاقة الفرد بالحضارة ودوره في خلق تاريخها، فسنقول أن بين الحضارة وبين الأفراد تأثيرًا متبادلاً وذلك لأن الأفراد الذين يعيشون في أي دولة يقومون بصناعة تاريخهم الخاص بهم والذي يؤثر عبر مر الزمان على تلك الدول فتتوارثه الشعوب من جيل لآخر وتتناقله عبر الزمان مكونةً بذلك حضارات خالدة عبر التاريخ.
يعد العمق التاريخ من المقومات الحضارية المؤثرة في الدولة، إن الحضارة تنتقل من جيلٍ إلى آخر، ولكن يتم انتقالها على نحوٍ مختلف في لا تشبه في انتقالها توارث الصفات الجسمية في الكائنات الحية، حيث تتقبل شعوب الدول حضاراتها وتاريخها القديم وتبني علية دولها الجديدة على مر الزمان خصوصاً لو كان تاريخ هذه الدول قوي ومؤثر في حضاراتهم فسيتم انتقاله عبر الأجيال ويبقى تأثيره المستمر عليها لعقود طويلة.