اول الكتابات التاريخية الاسلامية قام بها، علم التاريخ هو واحد من أهم العلوم المعرفية التي اهتم بها العرب منذ القدم، ولقد تجلى اهتمامهم هذا في كثرةرة المصنفات التاريخية، وتنوع مناهج الكتابة التاريخية لديهم حيث اتخاذوا صورًا غير معهودة وغير متدواة لدى الأمم والأقوام الأخرى في عمليات التدوين، وفي السطور التالية سنتطرق الى اول الكتابات التاريخية الاسلامية قام بها.
محتويات
بداية التدوين التاريخي عند المسلمين
بدأت عملية التدوين التاريخي عند العرب في شبه الجزيرة العربية بطريقة بدائية وقديمة، بحيث ارتبط دور العرب في عملية التدوين بقيام الدولة الإسلامية بعد قدوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان كتاب الوحي من صحابة الرسول عليه السلام يسجلون ما يتلى عليهم من القرآن الكريم والحديث الشريف على الحجارة والرقاع وسعف النخيل، وبعد ذلك أمر الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بجمع القرآن الكريم كاملاً، وتعتبر هذه الخطوة أهم خطوة قام بها المسلمون في عملية التدوين، حيث قاموا بجمعه وحفظه عند الصحابية حفصة بنت عمر، ثم قاموا بنسخه في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولقد تميز القرن الثاني للهجرة النبوية باهتمام رجال الحديث النبوي الشريف بتدوينه وتسجيله وذلك لحفظه من الضياع كون يعد سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بدأ الإمام مالك بن أنس بتدوين الحديث الشريف في كتابه الشهير (الموطأ)، وتم ذلك في المدينة المنورة، أما في الشام قام كل من الإمام الأوزاعي وعبد العزيز بن جريج بتدوين الحديث الشريف أيضاً، وفي العراق كذلك قام بذلك كل من سفيان الثوري وحماد بن سلمة، وفي منتصف القرن الثالث الهجري قام الامام أحمد بن حنبل بتدوين ثلاثون ألف حديث صحيح في كتابه (المسند)، ثم قام بذلك الإمام البخاري في كتابه (الصحيح)، حيث خصصه للأحاديث النبوية الشريفة، ويعتبر كتاب ابن حنبل عمدة في كتب الأحاديث الشريفة الستة الصحاح، وتبعه في ذلك كل من ابن ماجه وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ولقد شرع العلماء المسلمين في هذا العصر على تدوين الحديث والفقه والتفسير أيضاً، حيث قاموا بتدوين كتب اللغة العربية والتاريخ وأيام الناس، وقد اتبع رجال الحديث في جمعه على منهج التثبت من صحة الحديث، بحيث تتبعوا في سلسلة إسناده ثم قاموا بتصنيفها على درجاتها ومراتبها وحسب قوتها وضعفها أيضاً، ولقد شهد القرن الثاني اهتمام واقبال على كتابة السير والمغازي، وذلك على يد عروة بن الزبير وموسى بن عقبة والزهري.
التدوين في العهد الأموي
في العهد الأموي قام عبيد بن شرية الجرهمي بتصنيف كتاب حول تاريخ ملوك اليمن القدامى، حيث أمره معاوية بن أبي سفيان بأن يصنف له كتابا في تاريخ العرب وأطلق عليه اسم (كتاب الملوك وأخبار الماضين)، وقام وهب بن منبه بتصنيف كتاب (التيجان وملوك حمير)، و الذي يعتبر مصدر إلهام لكثير من المؤرخين المسلمين العرب، حيث كتب أبان بن عثمان عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتبعه في ذلك عروة بن الزبير بن العوام، الذي اهتم بشكل خاص بعصر النبوة والخلفاء، واعتبرت كتاباته مصدرا رئيسياً لمن بعده من المدونين العرب، ثم جاء بعدهم الزهري الذي يعتبر مؤسس المدرسة التاريخية في المدينة المنورة، حيث وضع موسى بن عقبة أساسا لكتابة السير والمغازي، ويعتبر ابن إسحق في كتاباته حول السيرة النبوية فترة النضج والتقدم في الكتابة التاريخية والتدوين عند المسلمين، حيث وصلنا كتاب ابن إسحق عن طريق ابن هشام. ويأتي بعدهم الواقدي وابن سعد.
ولقد استطاع الطبري أن يحتل مكانة عالية في الكتابة التاريخية وذلك في القرن الثالث الهجري وما جاء بعده، حيث تناول ما كتبه السابقون عن الحديث الشريف من الرواة والإخباريين ورجال الحديث والنسابة، فأخذ التفسير عن كل من مجاهد وعكرمة وغيرهما، وأخذ أيضاً عن أبان بن عثمان وعروة في السير الصالحة، كما وأخذ أخبار الراشدين من سيف بن عمر، أما أحداث واقعة الجمل وواقعة صفين أخذهما من المدائني وأبو مخنف.
التدوين في العهد العباسي
إن بدايات التدوين عند المسلمين تعود إلى العصر الإسلامي الأول، وهي ليست مرتبطة بالعصر العباسي فقط، حيث أن علماء الحديث هم من وضعوا أسس التدوين في التاريخ الاسلامي، والمؤرخون الأوائل ساروا بعد ذلك على منهج مدرسة تدوين الحديث الشريف في تدوين التاريخ، ولقد استخدموا منهج المحدثين في تدوين الروايات التاريخية، ومن خلال ذلك نؤكد أن العرب قد قاموا بدور مهم في وضع أسس الكتابة بوجه عام، وأسس الكتابة التاريخية على وجه الخصوص، ولقد تنوعت الكتابات التاريخية عند العرب المسلمين بحيث تم تسميتها بعدة أسماء وهي : التاريخ العام، التاريخ الخاص، كتب الرحلات، كتب الوفيات، معاجم البلدان، كتب النظم وغيرها، ولقد شهد العصر العباسي تطورا ملحوظاً في طريقة تدوين وكتابة التاريخ، بحيث أصبح المؤرخين المسلمين يخصصون في كتاباتهم كل ما يعد تاريخاً بحتاً، كما وتنافس المؤرخون في العصر العباسي فيما قدموه من مؤلفات ضخمة حول التاريخ.
اول الكتابات التاريخية الاسلامية قام بها الصحابة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث بدأوا بتدوين القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، ومن ثم في عهد أبو بكر الصديق تم جمعها وتدوينها في كتب كاملة لمنع ضياعها وتحريفها.