حكم قتل النفس المعصومة، تعد النفس المعصومة بأنها النفس التي حرم الله عز وجل الاعتداء عليها أو قتلها أو إيذائها، كما أن هنالك خمس ضرورات شرعية حفظها الدين الإسلامي للأنفس المعصومة، والتي حرم الشرع فيها الأعتداء على الأنفس وهي كالآتي : الإعتداء على الدين والنفس والعرض والمال والعقل، كما أن الأنفس المعصومة في الإسلام تشمل كل من المسلمين وغير المسلمين وذلك من خلال الضوابط الشرعية، وسنقدم خلال المقال التالي لكم حكم قتل النفس المعصومة.
محتويات
حكم قتل النفس المعصومة
لفقد كرم الخالق الإنسان فخلقه بيده، ونفخ في الإنسان من روحه عز وجل، كما وأسجد للإنسان ملائكته، وجعله من الإنسان خليفتة في الأرض، وسخر لبني آدم ما في السموات والأرض جميعا، وزوده الله تعالى بالقوى والمواهب ليعيشو في الأرض ويعمروها. كما ولا يتسنى للإنسان أن يحقق أهدافه، ويبلغ غايته وأهدافة، إلا إذا توافرت له مختلف عناصر النمو، وأخذ حقوقه المفروضة والممنوحة له كإنسان، وفي مقدمة هذه الحقوق التي ضمنها الإسلام هو الحق في الحياة، وحقة في الحرية، وأيضا حق التملك، وكما حق صيانة المال والعرض، وحق العدل المساواة، و يعد أول هذه الحقوق، وأهمها حق الحياة، ويعد من الحقوق المقدس، التي لا يجوز انتهاك حرمتها، وكما لايجوز استباحتها إلا بحق. وقد حفظت الشريعة الإسلامية هذا الحق وجعلته من مقاصدها أهدافها العظيمة وضرورياتها المهمة فشرعت.
أحكام قتل النفس المعصومة:
- قتل الغيلة الذي يكون على بسبب الحيلة والخداع حيث يقتل فيه الجاني مهما كانت ديانته حداً لا قصاصاً منه، ولا يقبل فيه العفو ولا خيرة فيه لأولياء الدم ، حيث قال الله تعالى : “إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بغير الحق)، وقد جاء عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : ( لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكا).
- إذا وجد الشخص شخصاً ميتاً أو مقتولا في مكان قريب أو بعيد، وجب عليه ابلاغ الجهات المختصة التي تقوم بالعناية بأمره، لأن في بقائه على حاله ضرر والضرر يدفع عبر الابلاغ عنه بقدر الامكان، وذلك لأن له حقاً في حياته، فيلزم استيفاء حقه إلى حين دفنه، حيث قال الله تعالى : ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون).
- تشريح جثة الآدمي قد تكون من الضرورات الشرعية والعقلية إذا احتفت القرائن بالتهمة، وذلك للحصول على حقوق ورثته في معرفة أسباب الجناية عند الريبة والشك، وللحصول على اقرار الخصوم بالأدلة الحسية، والمصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة في هذه المسائل، حيث ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب.
- اعتداء اللصوص على البيوت والمحلات التجارية لا يبيح للفرد قتلهم ابداً، لأنهم في حكم الصائل والأولى كف أذيتهم بدون قتلهم، ولأن قتلهم بغير بينة حق يسبب شبهة على قاتلهم، فيقتل بهم حداً، ولهذا استنتج المفسر القرطبي أن أسباب القتل عشرة، ورد ذكرها عند تفسيره لقول الله تعالى : (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم)، وتكملة الآية مفيدة.
- لا يصح الترافع في قضايا الخصومات الجنائية في غير المحاكم الشرعية، وذلك حتى يتم السماع من الخصوم في القضية والوقوف على بينات ووقائع الأحوال، ولا يكتفى في القضية بمجرد الشكوى عبر الهاتف أو الفضائيات، قال الله تعالى :”وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً “، ولم يذكر في القرآن أو في السنة نص في وجوب الأخذ بالثأر من الجاني بعد اقترافه لجنايته.
- قتل النفس بالتفحيط بالسيارات هو محرم شرعا، ولا يعتبر انتحارا الا إذا قصد صاحبه ذلك، ومن قتل معه أحد بسبب سرعته أو مخالفته لنظام السير فعليه صيام شهرين متتابعين، ولكنه لا يعفى من الكفارة كونه تسبب في وفاة صاحبه أو قريبه لأن الكفارة حق لله تعالى، لا تسقط لصلة المتوفى بمن تسبب في قتله، وإذا لم يكن سبب الحادث تفريطا أو تقصيراً، ومما لا يمكن التحرُّز منه فإن الكفارة تسقط عنه.
- لا يجوز القصاص إلا إذا وافق عليه كل الورثة، أما إذا عفا بعضهم فيسقط القصاص، ولمن شاء منهم نصيبه من الدية إذا عفا بعضهم عن القصاص والدية، وفي حالة طلب الجميع للقصاص لا يقيِّمه إلا الحاكم أو نائبه بعد ثبوت القتل بالبينة أو الإقرار.
- إذا قتل الاب ابنه فانه لا يُحاكم به ولكن تلزمه ديته ولا يرث من مال ابنه أي شيئ، لحديثه عليه السلام : “لا يقتل الوالد بالولد ” ولرواية :” أن أبا قتادة -رجل من بني مدلج – قتل ابنه، فأخذ منه عمر مائة من الإبل”.
- السلاح الأبيض أو السلاح الناري يعتبر من أعظم أسباب القتل، فيلزم الحذر الشديد عند استخدامهم أو بيعهم أو حملهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه)،
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يُشِرْ أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)، فلقد ثبت في الصحاح النهي عن بيع السلاح في الفتن. - المريض النفسي إذا قتل غيره فإنه لا يحاكم به حيث انه لا يعي ما يفعل، وقد روى مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أنه أُتي بمجنون قتل رجلاً، فكتب إليه معاوية أن أعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون ذنب، وأما إذا كان يعي ما يفعله ولكن المرض غلبه، فإنه لا يُقتص منه عند الجمهور، وإنما تلزم الدية على عاقلته.
- قتل شخص لآخر بهدف التأديب كما هو منتشر بين الناس اليوم، فهو كبيرة من كبائر الذنوب، فقد يكون التأديب لغرض الانتقام أو التشفي أو العصبية أو لمحو العار أو بسبب العداوة أو الاستحلال، لخلافٍ أو لاعتداء حصل مع المجني عليه، وسؤال الله العافية كثيراً يصرفُ العبد عن وساوس الانتقام الذي يورث الحسرة والندامة،وقال الله تعالى: “وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” ، وقال سبحانه :” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً” ، وقال صلى الله عليه وسلم:” لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دما حراما” أخرجه البخاري،
فمن ترصد لإنسان فقتله أو خدعه وغرر فيه حتى قتله بما يقتل غالباً، لزمه حكم القتل العمد، ولأولياء المقتول القصاص أو الدية أو العفو. - لا يحل قتل مسلم ابدا إلا بإحدى الأعذار الثلاثة المنصوص عليها في قوله صلى الله عليه وسلم:(لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، ويستثنى من ذلك بعض المسائل التي نصَّ عليها أهل العلم من تحليلالقتل فيها من باب التعزير، كقتل الجاسوس، ومن كثر فساده ولم ينتصح إلا بالقتل، والزنى بعد الاحصان، وما على شاكلتها من المسائل المستثناة، وهي موكلة للسلطان فلا يأكل احدٌ حقه فيها.
نكون بهذا قد قدمنا لكم في هذا الموضوع حكم قتل النفس المعصومة، كما عرفنا لكم ماهي النفس المعصومة، وأسباب تحريم الإسلام والشرع لقتل النفس المعصومة، وكل ما يتعلق بموضوع حكم قتل النفس المعصومة.