اعلى مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن وجوب الأمر والنهي متعلق بالهدف الذي لأجله تم تشريعهما، حيث أن هاتين الفريضتين يدور حكمهما في مدار تحقق الغاية والغرض منه، إلا أنّه لابدّ لنا من الإلتفات إلى أنّه ليس المراد هنا تحقيق الهدف والغاية من الأمر والنهي بأي طريقة وأسلوب فقط!، أي أنّه للمكلف حريةالاختيار والأسلوب الذي يريده يعتبر خيار بين ما كان ليناً وما كان شديداً، فهذا الكلام ليس صحيحاً، حيث أنّ للأسلوب والطريق الموصل إلى الهدف و نشر وبث المعروف والقضاء على المنكر ومنعه، أحكامه الملزمة له حيث لا يجوز لنا تعديها، والفيصل في ذلك قاعدة أنّه طالما يمكننا نهي الفاعل عن المنكر ومنعه من أدائه للمنكرات بالأسلوب اللين والحسن فإنه لا يمكننا التوجه للأساليب الأشد قطعياً وذلك لاستجابة الشخص المنهي لما أمر به وتحقيق الغاية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الجدير بالذكر هنا أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مراتب وسنتحدث في هذا الموضوع عن اعلى مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
محتويات
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
من العبادات التي يمكن للمسلم القيام بها في سبيل تقويم دينه وتقويم دين المسلمين الآخرين هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه العبادة إنما هي مراتب سنفصلها لكم من خلال النقاط التالية من حيث أفضليتها من الأعلى مرتبة الى الاقل مرتبة كما يلي :
- مرتبة القلب: والمقصود بها ما يلي : أن يعمل الآمر أو الناهي عملاً يظهر منه امتناعه القلبي عن المنكر، أي بمعنى أن المطلوب منه هو إظهاره ما في قلبه من النهي أو الآمر وما يعبر عن حالة بغضه ونفوره من حالة ترك المعروف أو فعل المنكر بطريقة واضحة بحيث يفهم منها أنه يدعو الشخص الآخر إلى العودة عن ترك المعروف وفعله والانتهاء عن فعل المنكرات، ولابدّ من الاشارة هنا إلى أن بعض هذه الأعمال قد يكون أقل درجة من بعضها الآخر ولذلك لابدّ علينا من رالانتباه للقاعدة أعلاه، وذلك أي إن كانت حدة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في القلب لينة وكانت مؤثرة فلا يجوز لنا التجاوز إلى ما هو أشد من نفس الرتبة، وكذلك يجب علينا الاقتصار فيها على الدرجة الأقل فالأقل والأيسر فالأيسر، لا سيما إذا كان الطرف في مكان يهتك بمثل فعله فلا يجوز له التعدي عن المقدار اللازم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن احتمل حدوث المطلوب منه بغمض العين المفهوم للطلب فلا يجوز له التعدي إلى المرتبة التي فوقها.
- مرتبة اللسان: وهي الأمر والنهي عن طريق القول باللسان، والمقصود به الأمر للتارك للمعروف أو النهي لفاعل المنكر بواسطة الكلام أي لكي يفهم منه الفاعل أو التارك الأمر والنهي، ولابدّ من التنبيه إلى أنّه لا يمكننا ان نلجئ إلى هذه المرتبة إلا إذا لم يحتل التأثير باظهار الأمر أو النهي القلبي وهو المرتبة الأولى، فلو علم أنّ المقصود من الأمر أو النهي لا يحدث بالمرتبة الأولى (مرتبة القلب) يجب الانتقال إلى المرتبة الثانية وهي (اللسان) مع وجود احتمال للتأثير.
- مرتبة الفعل: أو هي ما تسمى الإنكار باليد، ولا يتم الانتقال إلى هذه المرتبة إلا بالعلم أو الاطمئنان لكونها ذات تأثير لا يحصل بأي من المرتبتين الأوليين السابقتين لهذه الخطوة وهما القلب واللسان.
لابد لنا من الانتباه جيداً إلى ضرورة التدقيق في الأحكام الشرعية من قبل الآخرين للأمر بالمعروف، وذلك حتى حتى لا يقعوا في المنكر أثناءه أو في طريقهم لأمرهم بالمعروف والنهي عن المنكر، وحتى لا يتم ارتكاب المنكرات تحت اسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحتى لا تؤدي إلى تنفير العاصي من الدين الاسلامي وأحكامه في الوقت الذي يفترض بنا جذبهم إلى الدين والتدين، بحيث لا يحمّل الآمر والناهي نفسه أوزاراً يطالبه الله بها وهو يعمل على استنقاذ الآخرين مثل التجسس على الاخرين، أو يغلظ لهم بالالفاظ ويسب ويشتم أو حتى يضربهم أو غير ذلك من الافعال التي تنفر من الدين ،مع وجود امكانية التأثير على الناس بما هو أفضل وأجمل وألين، لذلك نجد أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلب يعتبر اعلى مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.