الجب الذي القي فيه يوسف، من هو سيدنا يوسف هو بني الله ابن النبي يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم أفضل الصلاة والسلام جميعاً، فهو يرجع أصله ونسبه إلى نبي من أنبياء الله، وهم عائلة ازدادت شرفاً بإعطائهم نبوة الله وتبليغ رسالته، وسمي النبي يوسف عليه السلام بالكريم بن الكريم بن الكريم، وبُعث لقومه بني إسرائيل لهدايتهم إلى دين الحق وإخراجهم من عالم الظلمات والكفر إلى عالم النور والإيمان، فما هو الجب الذي القي فيه يوسف؟.
محتويات
اين يقع الجب الذي القي فيه يوسف
عبارة عن بئر ألقاه أخوة يوسف عليه السلام فيه بسبب الكيد والحقد الذي في قلوبهم على أخيهم يوسف لأنه كان أحب الأبناء لسيدنا يعقوب، ويقع هذا البئر في دولة فلسطين بالتحديد في مدينة نابلس وعلى بعد كيلو من هذا البئر يوجد قبر سيدنا يوسف والذي تم بناء كنيسة عليه من خمسمئة عام، وقيل أن سيدنا عيسى شرب من هذا البئر.
قصة سيدنا يوسف كاملة
نشأ سيدنا يوسف عليه السلام غلاماً نافعاً جميل الوجه بهي الطلة مقرباً إلى والده، وفي ذات يوم ذهب يوسف إلى والده وقال له :”إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ”، فرد عليه والده قائلاً :”قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ”، لكنّ الغيرة والحقد تحركا في قلب إخوة يوسف عليه السلام وقالوا :”إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ”، فتآمروا عليه وأرادوا قتله ولكن أحدهم قال لهم :”قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ”، وأجمعو رأيهم على ذلك وطلبوا من والدهم أن يأخذوا يوسف ليلعب معهم، فقال لهم سيدنا يعقوب إني أخاف أن تتركوه وحده فيأكله الذئب، فردوا عليه لا تخف سنكون معه وإلى جواره :”قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ، أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ، قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ”.
وبعد إلحاح شديد وافق سيدنا يعقوب على طلبهم وذهب الأخوة ومعهم يوسف، وكان ما كان إلى أن ألقوه في البئر وأخذوا قميصه ولطخوه بدمٍ وعادوا لوالدهم يبكون وقالوا له :”قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ”، فرد سيدنا يعقوب عليهم :”وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ”.
التقاط يوسف وذهابه إلى مصر
مكث سيدنا يوسف عليه السلام في البئر فمر به بعض المسافرين فالتقطوه واخرجوه من البئر واتجهوا به إلى مصر، وهناك باعوه في سوق العبيد بثمن قليل واشتراه عزيز مصر ووثق به وبوأه مكان الإشراف ووضعه من قلبه موضع الأبناء وأحله في بيته واحداً من أهله كما جاء في كتاب الله :”وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ- وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ- وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ”.
محاولة إغواء امرأة العزيز ليوسف
ومرت السنين وكبر يوسف وظل شبابه فكان عليه السلام فتى قوي وجميل الملامح والوجه مما جعل مشاعر امرأة العزيز تتحرك وأحبت يوسف وأرادت أن تفعل السوء معه فرفضها سيدنا يوسف، مما أثار غضب امرأة العزيز وأسرع يوسف إلى الباب فأمسكته من قميصه وجذبته من ثوبه وما أن انتهيا إلى الباب حتى رآهما العزيز، فأسرعت امرأته تلقي بكيدها :”وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”، ولم يفق العزيز من ذهوله إلا على صوت الحق :”قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ- وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ- فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ- يوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ”، ولما شاع الخبر في المدينة بين النسوة :”وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ”، دعتهن امرأة العزيز إلى القصر و أعدت لهن الطعام وأعطت لكل واحدة منهن سكيناً وقالت ليوسف :اخرج عليهن فلما شاهدن يوسف بجلاله وجماله إذا بالسكاكين تقع على أيديهن فقطعتها، قالت امرأة العزيز :هذا الذي لمتنني فيه أنا التي راودته عن نفسه فاستعصم وأبى ولئن لم يستجب لرغبتي ويحقق مطلبي لأدفعن به على السجن أو لأذيقنه الهوان.
دخول سيدنا يوسف السجن
لك الله يا يوسف الفتنة من حولك وبين يديك وكيد النساء عظيم، لكن ثبات اليقين وقوة الإيمان بالله سياج المؤمن عند كل مكروه، ثم اتجه سيدنا يوسف عليه السلام إلى ربه ضارعاً يدعوه :”قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ”، وواجه سيدنا يوسف بعد محنة البئر محنة السجن الذي دخله مظلوماً دون أن يرتكب ذنباً، وفي داخل السجن بدأ سيدنا يوسف عليه السلام يدعو إلى الله ويحدث الناس من حوله عن عظمة الخالق عز وجل، حيث كان مع سيدنا يوسف في السجن خباز الملك وساقي الملك، وكانا يحبا سيدنا يوسف ويحترمانه لخلقه وقوله وكثرة عبادته لله كان سيدنا يوسف بما أتاه الله من العلم يفسر الأحلام، وذات يوم جاء إليه ساقي الملك وقال له :لقد رأيت في منامي أنني أحمل فوق رأسي خبراً والطير تأكل منه فأخبرنا بتأويل هذان الحلمان، وألهم الله سيدنا يوسف فأجابهما قائلاً :أيها الساقي سوف تخرج من السجن وتعود إلى القصر وستكون رئيس السقاين كما كنت من قبل، وأنت أيها الخبار سأصارحك بما تشير إليه رؤياك أعلم أنك سوف يحكم عليك بالإعدام وستصلب، وحدث ما تنبأ به سيدنا يوسف، فقال للساقي :قل للملك أن هناك مظلوماً في السجن اسمه يوسف، وخرج الساقي من السجن وعاد إلى القصر لكنّه نسي أن يخبر الملك بما أمر يوسف، ومرت السنوات وسيدنا يوسف في السجن.
تفسير يوسف لرؤيا الملك
وفي ذات يوم رأى الملك في منامه رؤيا فجمع العرافين لعلهم يستطيعون تفسير هذه الرؤيا التي افزعته وقال لهم :لقد رأيت في منامي سبع بقرات سمان قد خرجت من النهر، ثم رأيت سبع بقرات أخرى قبيحة ضعيفة قد خرجت من النهر وأكلت البقرات السمينة، ففزعت من نومي ولما نمت مرة أخرى رأيت سبع سنابل يابسة التهمت السبع أخضر وقد جمعتكم اليوم لتفسروا لي هذه الرؤيا، فاحتار العرافون في الأمر ولم يستطيعوا تفسير الرؤيا، وفي تلك اللحظة تذكر الساقي سيدنا يوسف فأخبر الملك بأمره، فقال الملك للساقي أن يذهب ليوسف ويقول الرؤيا له فذهب الساقي وأخبره، فقال يوسف :سوف تمر مصر بفترتين إحداهما مخصبة تجود فيها الأرض بأطيب الغلات وأوفر الثمار وهذه الفترة تستمر سبع سنوات، تليها مباشرة سبع سنوات تجدب فيها الأرض ويقل الماء ويطل شبح المجاعة على الناس، وأخبر الملك أنه على المصريين أن يقصدوا في طعامهم ويدخروا القمح في سنابله حتى إذا جاءت سنوات القحط وجدوا ما يكفيهم من طعام، فأعجب الملك بهذا التفسير للرؤيا فأرسل إلى يوسف رسولاً ليحضره من السجن ليراه ويسمع منه.
ظهور براءة سيدنا يوسف
ذهب رسول الملك إلى يوسف عليه السلام يخبره أن الملك يريد مقابلته، لكن سيدنا يوسف رفض الخروج من السجن وقال لرسول الملك :عد إلى سيدك واسأله عن النسوة اللاتي قطعن أيديهن، حيث كان سيدنا يوسف يريد يبرأ ساحته مما أصابها من بهتان كاذب أدى إلى دخوله السجن ظلماً دون وجه حق، فأعاد الملك التحقق في أمر يوسف واعترفت امرأة العزيز أنها هي التي راودته عن نفسها وأن يوسف بريء مما نسب إليه، فخرج سيدنا يوسف من السجن مرفوع الرأس بعد أن ظهرت براءته واختاره الملك وزيراً على خزائن مصر :”وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ- قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ- وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ”.
تولي سيدنا يوسف خزائن مصر
كان سيدنا يوسف ذا عقل راجح وتفكير سديد، فأخذ يدّخر جزءاً من المحاصيل لسنوات المجاعة ومرت السبع سنوات الخصبة سريعاً وجاءت سنوات القحط، ففتح يوسف الخزائن وجعل يوزع الطعام على أهل مصر وغيرهم ممن يحتاجون الطعام، وفي هذه الأيام كانت فلسطين تعيش المجاعة وعرفوا أن الطعام متوفر في مصر، فأرسل يعقوب عليه السلام أولاده ليأتوه بالطعام من مصر وأبقى معه بنيامين أخو يوسف، فلما جاء إخوة يوسف إلى مصر ودخلوا على أخيهم يوسف فلم يعرفوه لكن يوسف عليه السلام تعرّف عليهم منذ رآهم، فأعطاهم الطعام وأخذ منهم ثمنه ثم أعاده مرة أخرى ووضعه في متاعهم سراً حتى إذا عادوا إلى بلادهم وجدوا ثمن البضاعة قد رد إليهم، وقد عاد سيدنا يوسف المال إلى أخواته حتى يعودوا إليه مرة أخرى وقال لهم قبل رحليهم آتوني بأخ لكم من أبيكم :”وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ، وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ، فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ- قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ، وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”.
لقاء سيدنا يوسف بإخوته
أخبر الأولاد والدهم برغبة القيّم على بيت المال بمصر، فسمح لهم أن يأخذوا أخاهم معهم بعد أن أخذ منهم عهداً بالمحافظة عليه :”فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ، قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ، وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ، وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ”، وأحضر الإخوة أخاهم الصغير معهم في المرة الثانية عند ذهابهم إلى مصر، فقام يوسف بوضع صِوَاع الملك في حوائج أخيه الصغير خفيةً، وقال أحد الحراس أن صِوَاع الملك قد سُرق فلمّا بحثوا عنه وجدوه مع الأخ الأصغر كما خطط يوسف لذلك.
فوجد الإخوة أنفسهم في ورطة وحاولوا استعطاف يوسف بأن يأخذ أحدهم بدلاً عن أخيهم الصغير، ولكنّه رفض أن يأخذ غيره :” وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، لَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ- قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ، الُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ، قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ- َالُواْ فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ- قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ- فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ- قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ- قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ”، فعاد الأولاد ليخبروا أباهم بكل ما حدث معهم.
اجتماع شمل الأسرة بعد تشتت وضياع وحزن
فطلب منهم أبيهم العودة والبحث عن أخيهم الصغير وعن أخيهم يوسف وعندما عادوا إليه ورأى سوء حالهم، أخبرهم أنه هو أخاهم يوسف الذي رموا به في البئر عندما كان صغيراً، فاعترفوا بأنهم مذنبون اتجاهه وأنهم ظلموه، فما كان منه إلا أن سامحهم، وسألهم عن أبيه، فأخبروه بسوء حاله، وفقدانه لبصره، فأعطاهم قميصه وقال لهم ضعوه على وجه أبي وسيعود إليه بصره، وتعالوا أنتم وأهلكم إليّ أجمعون، فعادوا إلى والدهم وألقوا القميص على وجه سيدنا يعقوب عليه السلام فعاد إليه بصره، ثم حمل يعقوب أهله وبنيه وارتحل إلى مصر، كما جاء في كتاب الله :”وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ، الُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ، لَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ، الَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ، وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ”، وخرّ الإخوة والأب والخالة يسجدون، فقال سيدنا يوسف عليه السلام لأبيه :هذا تأويل رؤياي التي رأيتها عندما كنت صغيراً، وطلب يوسف من الملك أن يسمح لأهله وعشيرته بالإقامة معه في مصر، فأذِن لهم بذلك.
الجب الذي القي فيه يوسف، حيث تآمر إخوته عليه وقرروا إلقائه في هذا البئر للتخلص منه، حيث يقع هذا البئر في دولة فلسطين العربية في مدينة نابلس، وأثناء التجارة التقطه أحد السيارة فأخذوه وباعوه لعزيز مصر فتربى وترعرع حتى كبر وحدث ما حدث له مع امرأة العزيز، ثم أصبح والي على خزائن مصر وهناك التقى بإخوته وعاد اجتماع شمل العائلة.