الفرق بين مثوى ومأوى

الفرق بين مثوى ومأوى، عند وفاة شخص ما قريب، نقوم بتعزية أهل الميت بقولنا، ان شاء الله يكون مثواه الجنة، إلا أنه ومنذ فترة قريبة، كان هناك جدال بين رواد المواقع التواصل على كلمة مثوى، بادعائهم بأنه لا يجوز أن نقول مثواه الجنة، مدعين أن المثوى هي جهنم لأنها مثوى الكافرين، بينما يجب أن نقول مأواه الجنة، وأيضا قال تعالى في سورة يوسف” إنه ربي أحسن مثواي”، وقال أيضا تعالى في سورة آل عمران” ومأواكم النار وبئس مثوى الظالمين”، لذلك يتسائل الكثير ما المثوى، وما المأوى، وسوف نبين لكم من خلال مقالتنا الفرق بين مثوى ومأوى.

مفهوم المثوى والمأوى

مفهوم المثوى والمأوى
مفهوم المثوى والمأوى

لكي نفهم الفرق بين كلا الكلمتين، يجب أولا أن نعرف ما هو معناهما الاصطلاحي واللغوي، وهو كالتالي:

المثوى: يقال بأن المثوى هو المكان أو المنزل الذي يثوي فيه الانسان، كما يقال بأن الثواء هو انحسار الشخص في مكان أي أن الشخص ينحسر في مكان صغير ويكون قليل الحركة فيه كالمنزل بالتحديد، فكما قال الشاعر: “رب ثاو يمل منه الثواء”، أي بأنه يستقر الانسان في مكانه إلى أن يمل المكان منه، وقوله تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام: (إنه ربي أحسن مثواي) أي أن الله تعالى أحسن مسكني ومنزلي، لذلك يكون الثواء فيه مقام محدود، لذلك فكلمة الثوى والثواء استخدمت لتدل على مسكن الانسان في الدنيا، بينما استخدامها في الآخرة كان للنار، وذلك لأن جنة الله تعالى غير محسورة، ولا يمكن أن نحددها بشيء محدود.

بينما المأوى هو المكان المستقر الدائم الذي يستقر فيه الإنسان، ولا يكون مأوى الانسان محصور في مكان يكون فيه قليل الحركة، حيث أن الانسان دائما ما يسعى للوصول إلى المأوى ويجتهد، لذلك كان قد استخدم مع الجنة.

الفرق بين مثوى ومأوى

الفرق بين مثوى ومأوى
الفرق بين مثوى ومأوى

يبدو بأن هنالك فرق بسيط بين كل من المثوى والمأوى:

  • المثوى: فكما ذكرنا سابقا، فكلمة المثوى كان يمكن أن تنسب لشيء فيه خير أو فيه شر، وذلك حسب مستقر الشخص، فالله تعالى قال على لسان سيدنا يوسف عليه السلام: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، فسيدنا يوسف عندما وصل لبيت عزيز مصر، كان قد وصله بعد مشقة كبيرة، خصوصا بعد ما قام إخوته برميه في البئر، لذلك بعد معانته وصل لبيت العزيز ليكون له فيه مستقر ومنزل حسن، وصل إليه صدفة لأن الله تعالى أكرمه به، بينما امرأة العزيز كانت قد حصلت على مستقر له بدون تخطيط ومعاناة.

وقوله تعالى (والله يعلم متقلبكم ومثواكم) هذا يدل على أن المثوى تأتي بمعنى المستقر والمكان الذي يسكنه الانسان، ونذكر أيضا وقوله تعالى على لسان سيدنا موسى عليه السلام: (وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) فهنا عندما خرج سيدنا موسى عليه السلام من مصر خوفا من فرعون، لم يكن وقتها يدري بأن مدين سوف تكون مثواه ومستقره الذي سيصل إليه بعد مشقة وعناء، فلذلك كان وصوله لبيت الرجل الصالح هو مثوى له، أي المستقر الذي يصل إليه الانسان بدون تخطيط مسبق.

  • المأوى: يقال بأن المأوى هو المكان الذي يخلد فيه الإنسان، أي أن يكون مآل الانسان الاخير، حيث أن مجيئ كلمة المأوى في القرآن الكريم كان مع كلمة الجنة والنار، فالإنسان يا أن يخلد في النار أو أن يخلد في الجنة، حيث يكون الانسان قد وصل لمأواه بعد جهد ومشقة واجتهاد في الوصول إليه وليس كالمثوى، والذي يصل إليه الفرد بدون تخطيط مسبق، ومثال على ذلك أصحاب الكهف، الذين هربوا من ملكهم الظالم الذي كان ينوي قتلهم فلجأوا إلى الكهف بعد جهد ومعاناة في الوصول إليه، فلذلك كانوا قد وجدوا في ذلك الكهف المآل الأخير لهم والمستقر الثابت حيث قال تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة).

ونذكر أيضا قصة ابن سيدنا نوح عليه السلام عندما حاول أن يحتمي من الطوفان بقوله بأنه سيأوي لجبل، فالجبل كان المآل الأخير الذي خطط ابن نوح للاحتماء به، أي في نظره الجبل هو المستقر الحسن الثابت له، قال تعالى: “قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين”.

وهنا نكون قد وضحنا لكم الفرق بين كل من المأوى والمثوى.

مأواه أم مثواه الجنة؟

مأواه أم مثواه الجنة؟
مأواه أم مثواه الجنة؟

بعد تداول بعض الحديث بين رواد المواقع الاجتماعية عن هل يقال مأواه الجنة أم مثواه الجنة، سوف نحاول أن نرد عليهم بصورة بسيطة، ففي القرآن الكريم، لم ترد كلمة المثوى مع كلمة الجنة، حيث جاءت الجنة مع كلمة المأوى، كما جاءت المثوى مع أهل النار، كما جاءت كلمة مثوى في مواضع كثيرة في القرآن لتصف حال أهل الدنيا، فقال تعالى: (وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: ٢١]. كما جاء في قوله تعالى أيضا: (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).

لذلك نجد بأن كلمة المأوى والمثوى لم يتحدث بأحدهما بسوء وبالأخر بخير، لذلك لا حرج في الدعاء بكلا الأمرين، فليست الجنة مقترنة بكلمة المأوى والنار بكلمة المثوى، ذلك لأن كلمة المأوى جاءت مع الجنة والنار، حيث قال تعالى: (فإن الجحيم هي المأوى)، (فإن الجنة هي المأوى) إنما أن كلا المثوى والمأوى يعنيان المسكن والمسكن والمكث ومكان يستقر فيه الانسان، إنما يقال بأنه من الأفضل عدم القول عن الميت ذهب لمثواه الأخير، وذلك لأن القبر ليس آخر مثوى للميت، إنما القبر هو أول المنازل في الحياة الآخرة، فالمستقر والمثوى سيكون إما النار أم الجنة.

وهكذا نكون وصلنا لنهاية مقالنا، وتعرفنا فيه على الفرق بين مثوى ومأوى.

Scroll to Top