نص حمامه قلبها ينزف مكتوب، من القصص والحكايات التي تهدف لتعليم الأطفال القيم والمبادئ، التي تهدف لخلق جيلاً واعياً مثقفاً، فالاطفال هم اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، التي يتم بناء مجتمع بأكمله من خلالها، لذلك نجد الكثير من الادباء والكتاب يهتمون بكتابة القصص المتنوعة للأطفال، وتحتوي القصص على العبر والقصص التي نريد أن نعلمها لأطفالنا، فهناك قصص الخيال التي تهدف لتنمية الخيال وتوسيع الإدراك عند الأطفال، كما نجد الكثير من القصص التي تهدف لتأديب الطفل، وتعليمه القيم والأخلاق الإسلامية والمجتمعية، من خلال نصوص بسيطة ومفهومة، تخاطب عقول الأطفال الصغيرة، وفيما يلي سوف نعرض نص حمامه قلبها ينزف مكتوب، للكاتب التونسي ميزوني البناني.
محتويات
حمامه قلبها ينزف
قصة حمامة قلبها ينزف من القصص الجميلة التي يحبها الأطفال، حمامة قلبها ينزف من قصص أدب الأطفال للكاتب ميزوني البناني، تم نشرها في العدد 267، من مجلة العربي الصغير المصرية في ديسمبر ألفان وأربعة عشر، قصة حمامة قلبها ينزف تتحدث عن طفلة إسمها سلمى، مع حمامة القلب الدامي المعروفة، وهي فصيلة من الحمام الموجودة في الفلبين، تتميز هذه الحمامة بوجود علامة حمراء على صدرها، أهم ما يميز هذه العلامة لونها الأحمر وشكلها على شكل قلب، تبدو وكأنها تنزف دماً، حيث أن كل من يراها يعتقد أنها مصابة بجرح عميق، وهذا ما حصل مع سلمة حين رأت هذه الحمامة، إذ اعتقدت أنها مجروحة، وأخذت تصيح طالبة النجدة، وفيما يلي نص حمامة قلبها ينزف.
نص حمامه قلبها ينزف مكتوب
(صَحِبتْ ” سَلْمَى” وَالِدَيْهَا إِلى حَديقَةِ اُلْحَيَوانَاتِ . كَانَ مَوْقِعُها فِي قَلْبِ اُلْمَدينَةِ اُلْكَبِيرَةِ، وكَانَتْ تَمْتَدُّ عَلَى مِساحَةٍ خَضْراءَ شاسِعَةٍ، يَحْمِيها مِنْ كُلِّ اُلْجِهاتِ سِيَاجٌ حَدِيدِيٌّ مُخْضَرٌّ كَلَوْنِ اْلأَعْشابِ وَاُلْأَشْجارِ اُلْغَضَّةِ. وَكَانَ عَالِيا يَصْعُبُ تَسَلُّقُهُ. أَخَذَتْ “سَلْمَى” مَكانَها فِي اُلصَّفِّ، قُرْبَ بابِ اُلْحَديقَةِ، تَنْتَظِرُ دَوْرَها، أَمامَ وَ الِدَيْها، وَعِنْدَمَا اقْتَربَتْ مِنْ شُبّاكِ التَّذاكِرِ، أَخْرَجَتْ مِنْ جَيْبِها اُلصَّغيرِ قِطَعًا نَقْدِيَّةً صَفْراءَ، دَفَعْتَها لِلْعَوْنِ بِحَرَكةٍ مُهَذّبةٍ . اِبْتَسَمَ لَها اُلْعَوْنُ شَاكِرًا، ثُمّ نَاوَلَها تَذْكِرَةَ الْعُبُورِ إلَى الْحَديقَةِ.
مَشَتْ “سَلْمَى” فِي اُلْمَمَرِّ اُلْمُؤَدِّي إِلَى اُلْحَدِيقَةِ رَاضِيَةَ اُلنَّفْسِ، تُقَلِّبُ بَيْنَ يَديْها التَّذْكِرَةَ الَّتِي ادَّخَرَتْ ثَمَنَهَا فِي الْحَصَّالَةِ، قَبْلَ أَيَّامٍ، اِلْتَحَقَ بِها وَالِدَاَهَا، فَسَارَتْ بَيْنَهما، تَتَأمَّلُ أَرْكَانَ اُلْحَدِيقَةَ بِإعْجَابٍ؛ وَجَدَتْها تَضُمُّ أَقْسامًا لِلنَّباتاتِ وَاْلأزْهارِ وَالْأشْجارِ، وَبِرْكَةً كَبيرَةً يَسْبَحُ فِيها الإِوَزُّ، وَشَاهَدَتْ أقْسَامًا أُخْرَى، تَجْلِسُ فِيهَا اُلْعَائِلاَتُ مَعَ اُلْأطْفالِ، طَلَبًا لِلرَّاحَةِ وَالْغِذَاءِ وَالتَّرْفِيهِ عَنِ النَّفْسِ، كَمَا شَاهَدْتْ مَبْنًى لِنَادِي اْلْأطْفَالِ وَالْبِيئَةِ. اِبْتَسَمَتْ “سَلْمَى” ارْتِيَاحًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ اُلْحَدِيقَةَ لاَ تَضُمُّ سِوَى الْحَيَوَانَاتِ.
تَذكَّرتْ عِدّةَ حَوَادِثَ مُروِّعَةٌ، تَعَرَّضَ لَها بَعْضُ الزُّوَّارِ، بَعْدَ أَنْ تَجَاوَزُوا الْحَواجِزَ، لِيَلْتَصِقُوا بِأقْفَاصِ السِّبَاعِ. لَنْ تَنْسَى صُورَةَ ذَلِكَ اُلطِّفْلِ اُلْمِسْكِينِ الّذِي شَاهَدَتْهُ، مُنْذُ أيَّامٍ، عَلى هَاتِفِهَا الْمَحْمُولِ، وّكيْفَ كَانَتْ ذِرَاعُهُ عَالِقَةً دَاخِلَ الْقَفَصِ، بَيْنَ الْقُضْبَانِ، وَأَسَدٌ أَصْفَرُ يَلْتَهِمُ يَدَهُ بِوَحْشِيَّةٍ، والصَّغِيرُ يَصْرُخ بهَلَعٍ وَرُعْبٍ. تَذَكَّرَتْ “سَلْمَى” كُلَّ ذلِكَ، وَهِي تَتَفَقَّدُ ذِرَاعَيْها بِخَوْفٍ. كَانَ وَالِدَاها يُتابِعانِ حَرَكاتِها، ويَقْرآنِ مَا كَانَ يَدُورُ بِرَأْسِهَا الصَّغِيرَةِ مِنْ أَفْكارٍ، فَاقْتَرَبا مِنْها يُرَبِّتَانِ عَلَيْها حَتَّى اسْتَعادَتْ شُعُورَهَا بِالْاطْمِئْنَانِ، وعِنْدَها سَمِعَتْ وَالِدَها يُخاطِبُها قَائِلاً:
– أَرَأَيْتِ يا “سَلْوَى” كَمْ هِي عَامِرَةٌ بِالْبَشَرِ وَالْمَنَاظِر الْجَمِيلَةِ !
تَبَسَّمَتِ الْبِنْت مُحَرِّكَةً رَأْسَها وَضَفِيرَةَ شَعْرِها الطَّوِيلَةَ بِالْإيجَابِ، ثُمَّ وَاصَلَتِ اُلسَّيْرَ، تَسْبِقُهُما حِينًا، وَتَمْشِي، بِجَانِبِهِما، حِينًا آخَرَ.
وَجَدَتِ اُلْبِنْتُ نَفْسَهَا بَعْدَ خُطُوَاتٍ، أَمَامَ أَقْفَاصِ طُّيُورٍ بِدُونِ حَوَاجِزَ، فَأَخَذَ تْ تَقْرَأُ بِنَفْسِهَا مَا كُتِبَ عَلَى أَلْواحِ اْلإِرْشادِ الْمُعلَّقَةِ عَنْ حَيَاةِ تِلْكَ الطُّيُورِ وَعَادَاتِها، و تَتَأمَّلُ أَشْكَالَها اُلْبَدِيعَةَ، وَأَلْوانَ رِيشِهَا الْجَذَّابِ، وطِباعَها الْغَريبَةَ، وحِينَ تَعِبَتْ مِنْ قِرَاءَةِ ألْواحِ الْإِرْشَادِ، أَخَذتْ تَكْتَفِي بِالْمُشَاهَدَةِ، وَعِنْدَمَا تَوَقَّفَتْ أَمَامَ أَحَدِ اُلأَقْفَاصِ، رَأَتْ بِدَاخِلهِ حَمَامَةً جَمِيلةً، لَهَا سَاقَانِ حَمْرَاوَانِ كَأنَّهُمَا مُخَضَّبَتَانِ بِالْحِنَّاءِ، وَكَانَ رِيشُها الْمُلَوَّنُ بِالرَّمادِيِّ وَالْأزْرَقِ وَاْلْأَخْضَرِ وَالْبُرْتُقالِيِّ يَلْمَعُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ لَمَعَانًا سَاحِرًا، وَلَمَّا أَحسَّتِ الْحَمَامَةُ بِوُجُودِ “سَلْوَى” مُلْتَصِقَةً بِالْقَفَصِ، حَشَرَتْ مِنْقارَهَا فِي أَحَدِ ثُقُوبِ الشِّبَاكِ الْمَعْدِنِيِّ، لِتَلْمَسَ بِهِ خُدُودَ الْبِنْتِ الْمُوَرَّدَةَ لَمَسَاتٍ لَطِيفَةً وَدُودَة. خَافَتْ “سَلْوَى” فَتَقَهْقَرتْ مُبْتَعِدَةً عَنِ الْقَفَصِ، وَصُورَةُ يَدِ ذَلِكَ الطِّفْلِ مَقْطُوعَةً تَمُرُّ مُجَدَّدًا بِبَالِهَا.
اِبْتَسَمَتْ مُتَغلِّبَةً عَلَى مَخَاوِفِهَا، وَعيْنَاهَا تُرَاقِبَانِ الْحَمَامَةَ عَنْ كَثَب، وَفِيمَا كَانَت تَتأمّلُها، ظَهَرَ لَهَا صَدْرُهُا الْأبْيَضُ، وَفِي وَسَطِهِ بُقْعَةُ دَمٍ أَحْمرَ قَانٍ، عِنْدَهَا، لَمْ تَتَمَالَكْ “سَلْمَى” فَأَخَذَتْ تَصْرُخُ مُسْتَنْجِدَةً بِوَالِدَيْهَا اللَّذَيْنِ سَبِقَاهَا إِلَى قَفَصٍ آخَرَ قَائِلَةً :
– اُلنّجْدَةَ! اُلْحَمَامَةُ بِصَدْرِهَا جُرْحٌ دَامٍ. قَلْبُها يَنْزِفُ، سَتَمُوتُ.
هَرَعَ وَالِدَاهَا إِلَيْها، فَوَجَدَاهَا مُلْتَصِقَةً بِالْقَفَصِ، تَقُولُ لِلْحَمامَةِ، دَاخِلَ الْقَفَصِ، وَالدُّمُوعُ تَنْهَمِرُ عَلَى خَدَّيْهَا الْمُوَرَّدَيْنِ:
– مَنْ طَعَنَكِ فِي صَدْرِكِ، وَتَرَكَ دَمَكِ يَنزِفُ؟ مُنْذُ مَتَى وَأنْتِ صَابِرَةٌ، تَتَأَلّمِينَ بِمُفْرَدِكِ فِي صَمْتٍ؟ لِمَاذَا حِينَ لَمَسْتِ وَجْهِي بِمِنْقَارِكِ، تَسْتَغِيثِينَ بِي أَسَأْتُ بِكِ الظَّنَّ، فَلَمْ أَمْسَحْ دَمَكِ، وَلمْ أُضَمِّدْ جُرْحَكِ، ولَمْ أَقُمْ حَتّى بِمُواسَاتِك بِبَعْضِ الْكَلِمَاتِ؟ سامحيني أَيَّتُها الحَمَامَةُ الْجَرِيحَةُ عَلَى غَفْلَتِي !
عَجَّلَتِ اُلْأمُّ إِلَى ابْنَتِها تَحْتَضِنُها بِقُوّةٍ، تُحَاوِلُ تَهْدِئَتَهَا قَائِلةً :
– سَلْمَى. اُلْحَمَامَةُ لَيْسَتْ جَرِيحَةً. خَلَقَهَا اللهُ تَعَالَى وَفِي صَدْرِهَا تِلْكَ الْبُقْعَةُ الْحَمْرَاءُ، عَلَى شَكْلِ قَلْبْ يَنْزِفُ. لَمْ تَكِدْ سَلْمَى تَفْهَمُ كَلِمَاتِ أُمِّهَا حَتَّى غَادَرَتْ حُضْنَهَا إِلَى لَوْحِ الْإِرْشَادِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْقَفَصِ، وَرَاحَتْ تَقْرَأُ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ بِانْدِهَاشٍ:
” حَمَامَةُ الْقَلْبِ الدَّامِي، سُمِّيَتْ هَكَذَا لِأنَّ فِي مَرْكَزِ صَدْرِهَا لَطْخَةً حَمْرَاءَ عَلَى شَكْلِ قَلْبٍ، تَظْهَرُ لِلْمُشاهِدِ كَأنّها جُرْحٌ عَمِيقٌ فِي قَلْبِ الْحَمامَةِ يَنْزِفُ. “
تَوَقَّفَتْ” سَلْمَى” عَنِ الْقِرَاءَةِ، وَرَاحَتْ تُمْسِكُ رَأْسَها بَيْنَ يَدَيْها، تَكَادُ لاَ تُصَدّقُ عَيْنَيْها، ولَمْ تَتَأَخّرْ فِي الْعَوْدَةِ إِلَى الْقَفَصِ لِزيَادَةِ التَّأَكُّدِ مِنْ سَلامَةِ الْحَمَامَةِ، فَرَأَتْهَا وَاقِفَةً، وَبِجانِبِهَا زَوْجُهَا وصِغَارُهَاِ، وفِي وَسَطِ صَدْرِ كُلِّ طَائِرٍ تُوجَدُ نَفْسُ تِلْكَ الْبُقْعَةِ الْحَمْرَاءِ الْقَانِيَةِ، وَ بَدَتْ عَائِلَةُ الْحَمَامَةِ سَعِيدَةً بِتِلْك اللَّطْخَةِ الدَّامِيَةِ، فَاقْتَنَعَتِ الْبِنْتُ، نِهائِيَّا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ الّتِي سَمِعَتْها وَقَرَأَتْهَا مُنْذُ حِينٍ.
وَفِيمَا كَانَتْ “سَلْمَى” لاَ تَدْرِي كَيْفَ تُعبّر عَنْ دَهْشَتِها وَشُكْرِهَا لِلْخَالِقِ الْقَدِيرِ، أَحَسَّتْ بِجِسْمٍ يَحُكُّ خَدَّيْها الْمُورّدَيْنِ. إنَّهُ مِنْقَارُ حَمَامَةِ الْقَلْبِ الدَّامِي، تَطْلُبُ مِنْها الصّداقَةَ، مَرّةً ثانِيَةً).
نص حمامه قلبها ينزف مكتوب من القصص الأدبية الرائعة، للكاتب التونسي ميزوني البناني، وهي من القصص التي تخاطب عقول الأطفال، وتهدف لتعليم الأطفال دروساً وعبراً، من خلال حكايات واقعية أو خيالية، تساعد في وعي الطفل وتوسيع مداركه العقلية والمعرفية، وتطوير قدراتهم على تصور الأمور، واكتساب الخبرات الأساسية التي تساعدهم في حياتهم.