شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي، تعتبر حديقة الغروب من القصائد الأدبية الشهيرة، في عالم الادبيات، حيث تعرف القصيدة علي انها ضرب شعري من ضروب الادب العربي، الذي لطالما قسم الي عدة اقسام، والتي تمثلت في القصائد النثرية، والشعرية، حيث تتكون القصيدة من ابيات تحمل جمل نصية ذات سجع واحد وقافية واحدة، للتعبير عن حالة معينة، يمر بها الشاعر، من خلال وصفها بأبيات شعرية موزونة، حيث كانت القصائد في العصور الجاهلية اعظم الفنون السائدة واهمها، حيث كانوا يعظمون مكانة الشاعر في ذلك العصر، فدعونا نضع بين ايديكم، شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي.
محتويات
قصيدة حديقة الغروب
تعتبر قصيدة حديقة الغروب من القصائد الرثائية، حيث رثي الشاعر نفسه قبل وفاته بخمس سنوات، وذكر فيها تفاصيل حياته القديمة، حيث أصيب الشاعر بمرض الزهايمر، الذي افقده بعض الشغف في حياته، لأنه لا يذكر شيئا مما يعيشه، ولكنه يتذكر الماضي، حيث حملت القصيدة ذكريات جميلة من ماضي الشاعر وعن الحالات التي كان يعيشها ومعاناته مع الزهايمر، حيث ابدع الشاعر في نسج ابياته الشعرية، من خلال القصيدة التي ذكر فيها ابيات لزوجته ولابنته وابيات لوطنه، واعترف لربه بذنبه وما فعله في حياته، وطلب الغفران والسماح من الله عزوجل، وجاءت هذه القصيدة تعبيرا عن شعور الشاعر بقرب اجله، حيث نضع بين ايديكم القصيدة بعنوان، حديقة الغروب للشاعر غازي القصيبي:
خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ
أما سئمتَ ارتحالاً أيّها لساري؟
أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت
إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟
أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا
يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بقِيَتْ
سوى ثُمالةِ أيامٍ.. تذكارِ
بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا
قلبي العناءَ!… ولكن تلك أقداري
***
أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ
وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري
منحتني من كنوز الحُبّ. أَنفَسها
وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري
ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي
والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان iiيعشقني
بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار
وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه
وكان يحمل في أضلاعهِ داري
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ
***
وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه
ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ
ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ
يهيمُ ما بين أغلالٍ. وأسوارِ
هذي حديقة عمري في الغروب.. كما
رأيتِ… مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ
الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ
والوردُ أطرقَ يبكي عهد iiآذارِ
لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي
فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً
وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ
***
ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه
لعزّها!… دُمتِ!… إني حان إبحاري
تركتُ بين رمال البيد أغنيتي
وعند شاطئكِ المسحورِ. أسماري
إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي
ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري
وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري
***
يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري
وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به
علي.. ما خدشته كل أوزاري
أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي
أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟
من هو غازي القصيبي
هو غازي عبد الرحمن القصيبي، الشاعر والاديب سعودي الجنسية، ولد في الثاني من مارس للعام 1940، حيث يبلغ من العمر 70 عاما، في الاحساء، ثم انتقلوا الي المنامة في مملكة البحرين، ليكمل دراسته حيث حصل علي درجة البكالوريوس من كلية الحقوق في القاهرة، وحصل علي درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، وحصل علي درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة لندن، والتي كانت تحمل عنوان حول اليمن و حصل علي وسام الكويت للعام 1992، ووسام الصليب الأكبر للاستحقاق المدني في العام 1977، حيث تقلد العديد من المناصب الاجتماعية والسياسية، حيث تقلد منصب سفير السعودية لدولة ايرلندا من العام 1992 حتي العام 2002، وتقلد منصب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من تاريخ 13/ابريل للعام 2005 حتي تاريخ وفاته 15/أغسطس للعام 2010، حيث توفي بسبب مرض سرطان المعدة.
شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي
تعبر قصيدة حديقة الغروب، عن واقع حياة الشاعر السعودي الفيلسوف غازي القصيبي، حيث تناول فيها عدة محاور يصف فيها حالته وحياته التي عاشها في الخمسة وستون عاما، حيث تم كتابة القصيدة قبل وفاته بخمس سنوات، مع بداية اصابته بمرض الزهايمر، حيث يتخلل القصيدة العديد من المناحي المختلفة، التي تطرق لها الشاعر والاديب والفيلسوف غازي القصيبي، حيث يتمثل شرح الابيات من خلال التالي:
شرح المقطع الأول قصيدة حديقة الغروب
حيث بدا في المقطع الأول، من القصيدة بمحاسبة نفسه علي كثرة الترحال، وانه عاني من غربة الوطن، وان الحياة عصفت به كثيرا مما لاقاه من اذي من اعدائه، ويتساءل عن أصدقائه ورفاق عمره اين حالت بهم الحياة، واصبحوا مجرد ذكريات في الماضي، وانه احب ان يتوجه الي الله بالنداء والمناجاة، واراد العودة الي الله، بعد ما ناله من التعب والارهاق، وحسن ظنه بالله ان يرتاح مما مر به في حياته.
شرح المقطع الثاني وصيته الي زوجته من قصيدة حديقة الغروب
اما المقطع الثاني، حيث حملت القصيدة اجمل معاني الحب والاحترام والتقدير لزوجته، حيث خصص لها في القصيدة جزء تغزل فيها وعبر عن حبه لها، حيث وصفها برفيقة الدرب لأنها لم تتغير معه طيلة حياتهم، وكانت نعم الصديقة والرفيقة والزوجة لحبها واخلاصها له، وشبهها أيضا بقطرات الندي، حيث اوصاها ان تقول للجميع حين وفاته، انه لم يكن بطلا او فارسا بل انه لم يرضي يوما بالذل والمهانة.
شرح المقطع الثالث وصيته الي ابنته من قصيدة حديقة الغروب
اما المقطع الثالث، فكان من نصيب ابنته، حيث وصفها ببنت الفجر الذي يتنفس باكرا، ووصفها بانها تتميز سحر وانوثة، حيث وجه رسالة الي ابنته انه حبيس الاسوار، وان في حال وفاته سيصبح كل شيء عار، وتنعدم الحياة منه، حيث وصف نفسه بالمرعي في فصل الخريف، فيجف المرعي ويصاب بالجوع، والجوع هنا يقصد به الحنين الي من غاب عنهم، حيث نعي شبابه كما ينعي الربيع وروده في اذار ، واوصي ابنته ان لا تتبع خطاه وانت تكتفي بقراءة كتبه، لتعرف اخبار ابيها من خلال اسطره الشعرية، وان تخبر الجميع حال وفاته ان والدها كان يخلط الأمور بعضها البعض، وانه لم يكن بطلا وانما كان متواضعا.
شرح المقطع الرابع الحديث الي الوطن من قصيدة حديقة الغروب
وفي المقطع الرابع، ذكر وطنه حيث أوضح انه نذر عمره وحياته وشبابه لخدمة الوطن، حيث سرق الوطن عز شبابه، وقام بالدعاء بالدوام لبلاده بعز ورفعة، حيث اخبر بلاده انه اقترب موعد رحيله، حيث أوصل رسالة الي بلاده، انه ترك اغنيته بين رمال صحراءه، وعلي شواطئ بلاده حيث وصف حبه لبلاده بالمسحور، الذي وقع عليه سحر، واصبح مغيب العقل من جمالها، واوصي بلاده بانه حيث وفاته ان سألوه عنه، فليقل لهم انه لم يبيع قلمه، ولم يكن مسير او رهين الإشارة لاحد، ولم تتدنس أفكاره، ولم تكن أفكاره مميزة، وانه كان طفلا محبوبا وأفني عمره في حبها، ووصف نفسه بقيثارة الوطن.
شرح المقطع الأخير طلب العفو من الله من قصيدة حديقة الغروب
المقطع الخامس والأخير، حيث كانت الرسالة الي الله عزوجل مخاطبا له ان يعفو الله عنه، ويغفر ذنبه لان الله يعلم ذنبه ولا يخفي علي الله شيئا، فهو عالم الغيب والشهادة، فهو يعلم ما تخفي الصدور، وان ايمانه بالله بينه وبين نفسه، والذي بث في قلبه الايمان ومنحه إياه، وان الذنوب التي اقترفها لم تضيع ايمانه او تصيبه بعلة، أي انه لم يتركب الكبائر وان ما ارتكبه من ذنوب هفوات غير مقصودة، وانه ينتظر لقاء الله تعالي، وينتظر وقت رحيله الي الله تعالي، وانه علي يقين ان الله شفيعا له من الذنوب التي ارتكبها، وانه يرجو العفو من الله عزوجل الواحد الاحد الصمد.
شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي، قصيدة حديقة الغروب من اجمل القصائد الأدبية، التي جمعت بين خبايا العمل السياسي والوطني والفلسفة الشعرية، حيث حملت اجمل معاني الجدلية الفكرية، في استحضار الذكريات بجمالية بسيطة، خالية من التكلف، حيث وضحنا من خلال الموضوع الشرح لأبيات القصيدة، حيث تتمثل القصيدة بوصف من خلال سيل من الذكريات الجميلة، لماضي منصرم مفعم بالحياة والنجاحات والإنجازات العميقة والكبيرة، والتي تركت اثر عبر التاريخ، وحياة كانت ملؤها الحب والإخلاص الي الله، والزوجة، والابنة، والوطن، والتي تمثلت في ابيات شعرية حسن وزنها وقافيتها، رحم الله الشاعر الفيلسوف غازي القصيبي.