تحليل قصيدة المساء لخليل مطران

تحليل قصيدة المساء لخليل مطران، حيث تميز الشاعر خليل مطران بإبداعاته في كتابة الشعر كما انه قام بكتابة العديد من الشعر وترك خلفه كنزاً من روائع الموروثات والقصائد الشعرية، وكان أسلوبه الشعري مميز في كتابة الشعر ويتميز بالصدق الوجداني والرنة الموسيقية العذبة والأصالة، بالإضافة الى ذلك فإن الشاعر خليل مطران يُعتبر من أكثر الشعراء الذين جددوا في الشعر العربي الحديث، ومن أجمل وأكثر قصائده التي عُرفت في كافة أنحاء دول العالم العربية هي قصيدة المساء حيث تم إدراجها ضمن بعض المناهج التعليمية في مادة اللغة العربية، وخلال السطور التالية سوف يتم شرح تحليل قصيدة المساء لخليل مطران.

الشاعر خليل مطران

الشاعر خليل مطران
الشاعر خليل مطران

خليل مطران هو شاعر لبناني مصري الجنسية، ولقد وُلد خليل مطران في عام 1872م في مدينة بعلبك، وهو من عائلة عربية عريقة الأصل وترجع في نسبها الى الغساسنة، ووالدته فلسطينية الجنسية وكانت تُفضل الأدب وتحبه كثيراً، وكان خليل مطران قد أحب الشعر وتمكن من اللغة العربية والفرنسية والتركية، وعُرف عنه بخلطه بين الحضارة العربية والحضارة الأجنبية في شعره فتعمق في المفردات الشعرية، وكان مترجماً وشاعراً ومؤرخاً وثري العلم، كما كان مُلم بالأدب الفرنسي بشكل خاص بالإضافة الى التراث والأدب العربي، وسافر الى دولة بيروت وباريس وأنقرة، ثم اتخذ من مدينة مصر سكناً له واستقر بها في عام 1892م، لذلك تم تلقيبه بشاعر القطرين، وكان قد اشتغل في صحيفة الأهرام وفي ترجمة مسرحيات “شكسبير”، وقد وافته المنية في عام 1949م وكان في حينها رائد (المدرسة الرومانسية) في الشعر العربي المعاصر، وكان لديه ديوان شعر مطبوع.

مناسبة قصيدة المساء

مناسبة قصيدة المساء
مناسبة قصيدة المساء

لقد قام الشاعر خليل مطران بتأليف قصيدة المساء وكتابتها بعدما عاش سنة 1902م قصة حب فاشلة، كانت قد أثرت على نفسيته بشكل كبير، فقد مرض بعد معايشته هذه القصة مرض شديد مما أدى الى تدهور حالته الصحية، فقال له إحدى أصدقائه بأن يتوجه الى الإسكندرية من أجل أن يتم علاجه من المرض النفسي والجسدي الذي يُعاني منه وحتى يحصل على قسط من الهدوء والراحة في منطقة الإسكندرية المميزة، ولكنه عندما توجه الى الإسكندرية اشتد عليه مرضه، وهو المرض النفسي الذي كان يُعاني منه بسبب فراق حبيبته والمرض الجسدي الذي ألم به بعد الفراق، ففي يوم من أيام الاسبوع توجه للخروج قُبيل غروب الشمس ووقف حتى حل المساء عليه، وقام بالتخيل بأن ما عاشه من حب فاشل سوف يؤدي الى القضاء على حياته كما يقوم الليل بالقضاء على النهار، فحينها قام بكتابة قصيدة المساء حتى يُعبر فيها عن تجربته الشخصية التي مر بها وغلبت عليها مشاعر الحزن والكآبة والأسى بسبب شدة حزنه على فراق محبوبته والمعانة من المرض الذي ألم به.

نص قصيدة المساء لخليل مطران

نص قصيدة المساء لخليل مطران
نص قصيدة المساء لخليل مطران

دَاءٌ أَلَمَّ فخِلْتُ فيهِ شِفَائي
من صَبْوَتي، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَائي
يَا لَلضَّعيفَينِ ! اسْتَبَدَّا بي، ومَا
في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى
وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوحُ بَيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ
في حَالَيِ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ
كَدَرِي، وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائي
هذا الذي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتِي
مِنْ أَضْلُعِي وَحُشَاشَتِي وَذَكَائي
عُمْرَيْنِ فِيكِ أَضَعْتُ، لَوْ أَنْصَفْتِني
لَمْ يَجْدُرَا بتَأَسُّفِي وَبُكَائي
عُمْرَ الفَتَى الفَانِي، وَعُمْرَ مُخَلَّدٍ
ببَيَانِهِ، لَوْلاَكِ، في الأَحْيَاءِ
فَغَدَوْتُ لَمْ أَنْعَمْ، كَذِي جَهْلٍ، وَلَمْ
أَغْنَمْ، كَذِي عَقْلٍ، ضَمَانَ بَقَائي
يَا كَوْكَبَاً مَنْ يَهْتَدِي بضِيَائِهِ
يَهْدِيهِ طَالِعُ ضِلَّةٍ وَرِيَاءِ
يَا مَوْرِدَاً يَسْقِي الوُرُودَ سَرَابُهُ
ظَمَأً إِلَى أَنْ يَهْلِكُوا بظَمَاءِ
يَا زَهْرَةً تُحْيي رَوَاعِيَ حُسْنِهَا
وَتُمِيتُ نَاشِقَهَا بلاَ إِرْعَاءِ هَذَا
عِتَابُكِ، غَيْرَ أَنِّي مُخْطِىءٌ
أَيُرَامُ سَعْدٌ في هَوَى حَسْنَاءِ؟
حَاشَاكِ، بَلْ كُتِبَ الشَّقَاءُ عَلَى الوَرَى
وَالحُبُّ لَمْ يَبْرَحْ أَحَبَّ شَقَاءِ
نِعْمَ الضَّلاَلَةُ حَيْثُ تُؤْنِسُ مُقْلَتِي
أَنْوَارُ تِلْكَ الطَّلْعَةِ الزَّهْرَاءِ
نِعْمَ الشّفَاءُ إذَا رَوِيتُ برَشْفَةٍ
مَكْذُوبَةٍ مِنْ وَهْمِ ذَاكَ المَاءِ
نِعْمَ الحَيَاةُ إذَا قَضَيْتُ بنَشْقَةٍ
مِنْ طِيبِ تِلْكَ الرَّوْضَةِ الغَنَّاءِ
إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى
في غُرْبَةٍ قَالُوا: تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا
أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ؟
أَوْ يُمْسِكِ الحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامِهَا
هَلْ مَسْكَةٌ في البُعْدِ لِلْحَوْبَاءِ؟
عَبَثٌ طَوَافِي في البلاَدِ، وَعِلَّةٌ
في عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاسْتِشْفَاءِ
مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي، مُتَفَرِّدٌ
بكَآبَتي، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي
فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصمً، وَلَيْتَ لي
قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ!
يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي
وَيَفتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائي
وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ
كَمَدَاً كَصَدْرِي سَاعَةَ الإمْسَاءِ
تَغْشَى البَرِيَّةَ كُدْرَةٌ، وَكَأَنَّهَا
صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي
وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ
يُغْضِي عَلَى الغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَا بهِ مِنْ عِبْرَةٍ
لِلْمُسْتَهَامِ، وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي!
أَوَلَيْسَ نَزْعَاً لِلنَّهَارِ، وَصَرْعَةً
لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِمِ الأَضْوَاءِ؟
أَوَلَيْسَ طَمْسَاً لِلْيَقِينِ، وَمَبْعَثَاً
لِلشَّكِّ بَيْنَ غَلائِلِ الظّلْمَاءِ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُودِ إلَى مَدَىً
وَإِبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ؟
حَتَّى يَكُونَ النُّورُ تَجْدِيدَاً لَهَا
وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْثِ عَوْدُ ذُكَاءِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ
وَالقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي
كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً
بسَنَى الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَقٍ يَسِيلُ نُضَارُهُ
فَوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِلاَلَ غَمَامَتَيْنِ تَحَدُّرَاً
وَتَقَطَّرَتْ كَالدَّمْعَةِ الحَمْرَاءِ
فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْنِ قَدْ
مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي
وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً
فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي

تحليل قصيدة المساء لخليل مطران

تحليل قصيدة المساء لخليل مطران
تحليل قصيدة المساء لخليل مطران

لقد عاش الشاعر خليل مطران قصته وعبر عنها في تحليل قصيدة المساء لخليل مطران بكلمات توحي بالحزن والحنين والأسى والألم والذكرى، وخلال السطور التالية سوف يتم شرح تلك الكلمات والأبيات كالتالي:

  • من البيت الأول الى البيت الخامس: يتحدث الشاعر عن المرض الذي أحل به، وكان يعتقد أن ألم المرض سوف يُساعد على شفائه من ألم الحب، ولكن ألمه يشتد ويُعاني الجسد والقلب معاً من الحزن والألم، فكلاهما هزيلان في حضور الحب والمرض، ويُصارعان بين ألم الحب وألم المرض، فلم يتبقى على قيد الحياة روح ضعيفة ومُتعبة من حزن وأسى أعمى القلب ومرض أهلك الجسد، وبسبب هذا الذي يُعاني منه الشاعر يصعب عليه أن يرى الأمور بشكل واضح.
  • من البيت السادس الى البيت التاسع: يسمع الشاعر نصيحة أصدقائه ويأخذ بها، فيقوم بالتوجه الى الإسكندرية من أجل الشعور بالهدوء والراحة والاستجمام، حيث أن الهواء النقي والطبيعة الخلابة قادران على تقوية الجسم ومساعدته على أن يسترجع حيويته ونشاطه، إلا أن الفراغ الذي كان يُعاني منه الشاعر بعد فراق محبوبته قد أشعل لهيب الحب في جوارحه وقلبه، وأشعلت اللوعة من جديد في داخل قلبه، مما أدى الى تدهور حالته الصحية الى الأسوأ وذلك بسبب اجتماع ألم المرض وألم الحب عليه معاً لتُهلك جسده الهزيل.
  • من البيت العاشر الى البيت العشرون: كان الشاعر يقف على شاطئ البحر ويشكو له من جوارحه وخلل أفكاره واضطرابها، والآلام النفسية التي كان يُعاني منها فيغمغم المساء بدون كلام مفهوم، مما يؤدي الى زيادة حيرة الشاعر وحزنه، فيقوم بالتمني لو يشتد عليه قلبه ويتحول الى صخراً، وعندما يشعر بالألم يحتل جسده يلف السواد عينيه وتذبل روحه، وينهش المرض ما بقي من صحته.
  • من البيت الواحد والعشرون الى البيت السابع والعشرون: يحل المساء على الشاعر فيمتزج لديه اليأس مع الأمل والخوف مع الرجاء، ويقوم بتذكر محبوبته وتخيلها وكأنها واقفة أمامه، وبين حمرة الشفق والبحر تنزل دموعه من عينيه مع وقت نزول الشمس باتجاه الغروب، مُشكلة بذلك هيئة واضحة للحزن الذي يوجد في داخله ويتمكن من الشاعر.
  • من البيت الثامن والعشرون الى البيت الأربعون: انعكست حالة الشاعر النفسية على الطبيعة الشارعة به، فتراه يقوم برسم صورة حزينة يُشكلها بكافة العناصر من حوله: بالشمس والبحر والليل والغروب، كما ويقوم برسم الصور الفنية التي لا تدل إلا على الحزن والألم الذي تمكن منه ومن نفسيته وجسده الضعيف، فيقوم بتشبيه البحر بالإنسان المضطرب، وتشبيه المساء بالشخص الحائر، ويقوم بربط الحزن الذي يُعاني منه بالألم الذي انتشر في كافة أنحاء جسمه وعقله وروحه معاً، ويخلط بين نفسه وبين كل عناصر الطبيعة من أجل أن يدور الحوار بينهما، فتتحرك الحياة في الطبيعة من أجل أن تحاوره وتتحرك في محيطه، ويأخذ من الطبيعة أصدقاء له يشاركونه مشاعره وغربته وألمه ووحدته ومرضه.

معجم كلمات قصيدة المساء

معجم كلمات قصيدة المساء
معجم كلمات قصيدة المساء

أثناء شرح وتحليل قصيدة المساء لخليل مطران تم المرور ببعض المفردات التي قد يصعب على الطالب فهم معناها، وخلال السطور التالية سوف يتم توضيحها وذكر معناها، من أجل التسهيل على الطالب من فهم وإدراك القصيدة بشكل جيد، وهي كالتالي:

  • الصبوة: الميول في نفس الفتى.
  • البرحاء: تُعبر عن مدى قوة الضرر وشدته.
  • الضعيفان: يُعبران عن المرضان اللذان كان حديثه يدور حولها في شعره، وكنا عنهما بالقلب والغلالة.
  • الصبابة: شدة الولع.
  • الغلالة: ما يُغطي الجسم من الملابس.
  • التصويت والصعداء: الشهيق والزفير.
  • الحوباء: الروح.
  • كدرة: شدة السواد.
  • الأقذاء: هي جمع قذى وهو ما يدخل في العين من تراب أو قشة، وكان قد قصد الشاعر بها الجروح والهموم التي يُعاني منها.
  • ذكاء: تُعد من أسماء الشمس.
  • آنست: أحسست.
  • كلمى: مجروحة.
  • مشعشعاً: ممزوجاً أو مدموجاً.

والى هنا يكون قد تم الإنتهاء من تحليل قصيدة المساء لخليل مطران، وذلك بعد أن تم ذكر نبذة تعريفية عن الشاعر خليل مطران ومعرفة نص قصيدة المساء وسبب ومناسبة كتابته لها، وبالتالي تم التعرف على مفردات كلمات قصيدة المساء ومعانيها، من أجل التسهيل على كافة الطلبة فهم قصيدة المساء.

Scroll to Top