هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم، يُعرف الموت بأنه عودة الروح لخالقها، وحياة المسلم ما هي إلا دار اختبار وابتلاء، يتم من خلالها تحديد مصير الإنسان، وهو إما الجنة أو الخلود في النار، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، والله تعالى في هذه الآية يخبرنا بأن كل نفس ذائقة الموت، وينفرد سبحانه وتعالى بالديمومة والبقاء، ويعتبر الموت صدمة بالنسبة للكثير من الناس، حيث يُصعب عليهم فراق الأحبة، ودائماً تجول في خواطرهم بعض من الأسئلة الشائعة، وهي هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم.
محتويات
هل الميت يرى أهله في الدنيا
لم يأتي في الكتاب والسنة نصاً صريحاً يفيد أن الميت يرى أهله في الدنيا، لكن الذي تناقلته الأجيال بالتواتر، أن الأموات ترى بعضها البعض من خلال الرؤى التي يراها الصالحون، حيث يمكن للأرواح أن تلتقي بأرواح الأموات من خلال النوم، حيث يعرف من مالت حديثاً الأموات الآخرين، فتسأل الأرواح القديمة أرواح الناس المتوفاة حديثاً عن أحوال الناس وأخبارهم، وأكد ابن القيم في كتابه الروح مسألة تلاقي الأرواح، وبالرغم من ذلك تعتبر مسألة يرى الميت أهله في الدنيا مسألة خلافية بين الكثير من العلماء والأئمة.
متى يرى الميت أهله في الدنيا
الميت لا يستطيع أن يرى أهله في الدنيا، لكنه يمكن أن يعرف أخبارهم وأحوالهم من خلال تلاقي الأرواح، فتخبر أموات الأرواح المتوفاة حديثاً أرواح الأموات التي توفيت سابقاُ أحوال الناس وأخبارهم، وآخر مستجدياتهم، جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم، فإن رأوا خيرا فرحوا به، وإن رأوا شرا كرهوه”، كذلك في حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما تلقون البشير من أهل الدنيا، فيقولون: انظروا صاحبكم يستريح، فإنه كان في كرب شديد، ثم يسألونه: ما فعل فلان؟ وفلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه، عن الرجل قد مات قبله فيقول: هيهات قد مات ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أهل الهاوية”.
متى يحجب الميت عن أهله
ذكر ابن القيم في كتابه الروح، أن الروح يمكن أن تلتقي مع روح النائم في النوم، وتتحدث معها في أمور الدنيا وأخبارها، لكن بالنسبة لرؤية الميت لأهله وهو في القبر، فلا يعلم أحد ما يدل عليه من وجه ثابت، فالميت عندما يتوفى ينتقل لحياة البرزخ، وهذا العالم لا يعلمه سواء الله تعالى، أو ما جاء به الوحي، وما علمه لرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء أن الميت يعرف من يزوره من الأحياء ويستأنس بهم، أما أخبار أهله وأقاربه فيعرفها من الموتى الذين يلحقون به من بعده، وروى عبد الله بن مسعود: “وقف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أهلِ القليبِ فقال يا أهلَ القليبِ هل وجدتم ما وعد ربُّكم حقًّا فإني وجدت ما وعدَني ربِّي حقًّا قالوا يا رسولَ اللهِ هل يسمعونَ ما تقولُ قال ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم ولكنهم اليومَ لا يجيبونَ”.