لم تكن الهجرة النبوية إلا بداية عهد جديد لبناء دولة إسلامية، عهد الإنتقال من الدعوة إلى الجهاد، فكانت الهجرة بأمر الله لنبيه ليرفع بنيانها ويجعل من “يثرب ” العاصمة الإسلامية، وقد أطلق عليها ” المدينة المنورة” بعد ذلك،لدخول الرسول فيها وأصحابه، وقد أرسى أركانها معه ” صلى الله عليه وسلم” أصحابه الذين مدوه بالمال والأنفس،وعلى رأسهم خليله ” أبي بكر الصديق” رضي الله عنه وأرضاه، وكان الأنصار عضده في كل المعارك التي خاضها من أجل الدعوة الإسلامية، فكانوا يؤازرونه بالمال والأنفس والأولاد، فما أحداث الهجرة النبوية؟ وما أسبابها؟ومانتائجها؟
محتويات
أحداث الهجرة النبوية
سبقت الهجرة النبوية هجرة إلى الحبشة، وقد كانت بأمر من الرسول “صلى الله عليه وسلم” وذلك لما لاقاه المسلمون من تنكيل وتعذيب على يد المشركين العتاة، ولما توفى أبو طالب عم الرسول “صلى الله عليه وسلم” الحامي له من بطش المشركين، الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام “ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب” ،ولحقته بعد شهرين زوجه أم المومنين ” خديجة ” رضي الله عنها، والتي قال فيها الرسول “صلى الله عليه وسلم”: آمنت بي حين كفر بي، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها” فكان عام الحزن لما فقد فيه من سندين كانا له نعم الرفيق، ولما ألحق به من الأذى على يد المشركين، توجه للطائف يدعوهم للإسلام ويلتمس النصرة، فأغروا سفآئهم بقذفه بالحجارة، فأدموا قدميه الشريفتين، وقد دخل مكة مرة أخرى بواسطة مطعم بن عدي، فلما كان موسم الحج لقي بعض الخزرج، فعرض عليهم الإسلام ، فاستجابوا له، وكانوا ستة، فعاهدوه على النصرة وسميت هذه البيعة ” بيعة العقبة الأولى” تلتها بيعة العقبة الثانية” والتي بايع فيها الأوس والخزرج النبي “صلى الله عليه وسلم” على النصرة والحماية، ولما أسر المشركين لقتل الرسول (ص)؛وأحاطوا بيته بسيوفهم، أمر الله نبيه بالهجرة في جنح الليل، فنام علي بن أبي طالب في فراش النبي (ص)،وخرج الرسول (ص) وصاحبه أبو بكر الصديق على أعينهم، برعاية الله دون أن يمسه شر منهم،فكانت الهجرة النبوية في ثلاث ليال تعقبهم فيهم المشركون في غار ثور، فأعمى الله بصيرتهم بنسج العنكبوت وبيض الحمام، فلما وصل للمدينة المنورة استقبله المسلمون بالأغاني ابتهاجا لوصوله، فغنوا طلع البدر علينا.
أسباب الهجرة النبوية
لعل أبرز أسباب الهجرة النبوية هو إيذاء أهل مكة للرسول (ص) وأصحابه ورفض دعوته، وتضييقهم على النبي(ص) في دعوته، وخاصة بعد وفاة عمه أبو طالب الذي كان بحميه من أذاهم.
– وكان لقبول الخزرج لدعوة النبي (ص)، وبيعة العقبة الأولى والثانية سبباً آخر من أسباب الهجرة النبوية، والذين عاهدوه على نصرته بأنفسهم وأولادهم وأموالهم، وذلك ليستبقوا الخيرات،ويستبقوا اليهود في نصرة هذا الدين الجديد الذي كان يتوعد اليهود الخزرج زالأوس به.
– ومن أسباب الهجرة النبوية: إقامة الدولة الإسلامية، وذلك لأن دعوة الرسول (ص) ليست قبلية ولا خاصة بقومه، إنما هي للعالمين كافة، فكانت الهجرة النبوية خطوة لا بد منها لنشر الدعوة الإسلامية في العالمين، وضمان حرية العبادة للمسلمين دون خوف أو رهبة بعد أن ضيق عليهم المشركين.
-ولأن الهجرة من سنن الأنبياء والرسل، لم يكن نبي بين أهله مقيماً، فكانت الهجرة لنشر الدعوة الإسلامية، وإعلاء دين الله في الأرض.نتائج الهجرة النبوية
كان للهجرة النبوية نتائج عظيمة على العرب كافة، والمسلمون خاصة، فقد توحد الأوس والخزرج تحت لواء الإسلام، وأوقفت حرب ضروس بين هاتين القبيلتين قد أودت بخيرة رجالها، وقد تجلّت الأخوة في أجلّ معانيها حينما آخى الانصار المهاجرين، وقاسموهم الأموال والبيوت، فتوحد العرب تحت راية واحدة، على قلب رجل واحد.
وكان من أبرز النتائج للهجرة النبوية: هو بناء أول مسجد في الإسلام، مسجد قباء، الذي كان نقطة إلتقاء النبي (ص) بأصحابه يعلمهم الدين والعبادات، وكان مركزاً لجمع الجيوش والتشاور في أمور الحرب والسلم، والقضاء بين المسلمين، وكان مركزاً للعبادة والعلم والشورى.
ومن نتائج الهجرة النبوية: إقرار نظام سياسي يوحد بين كل سكان المدينة تحت لواء واحد، يقر بحقوق المواظنة لكل سكان المدينة، فاليهودي والمسيحي والمسلم، مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات.
ومن النتائج أيضاً: تكوين قوة عسكرية وتأسيس جيش للمسلمين لحماية المسلمين والذود عنهم، ولنشر الدين الإسلامي في جميع بقاع الأرض، وقد توسعت الدعوة الإسلامية بنشر الإسلام بإرسال الرسل لملوك الفرس والروم.وختاما، كانت الهجرة النبوية نقطة فصل بين عهدين: عهد ما قبل الهجرة، وعهد ما بعد الهجرة، فكانت الحدث الأجل في التاريخ الإسلامي، لما لها من أهمية في إرساء قواعد دولة إسلامية، أساسها العدل، والحفاظ على حقوق المواطنة لكل سكانها على أي مذهب كانوا، ووقفة تستقي منها العبر ونستلهم منها الطريق إذا حاد بنا الخطو نحو الزلل، فلكل حادٍ منهج قوّمه رسول كريم” صلوات الله وسلامه عليه” يرده ويقوّم مسيره.