حكم تأخير الغسل من الحيض للتأكد من الطهر وانتهائه، حيثُ أنها أحد المسائل التي تبحث عنها الكثير من السيدات، إذ أنها ترى بعد اغتسالها نزول افرازات بنية أو صفراء، بالتالي يلجأ البعض منهم إلى تأخير الغسل من الحيض وذلك حتى تتأكد من الطهر، ويختلف الحكم بحسب عدة من الحالات التي تكون بِها المرأة، وأشار الفقهاء والعلماء إلى ذلك الحكم بالإستناد إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهُنا في مقالنا سوف نُسلط الضوء على حكم تأخير الغسل من الحيض للتأكد من الطهر وانتهائه، بجانب التعرف عليه بالتفصيل.
محتويات
حكم تأخير الغسل من الحيض للتأكد من الطهر
الجدير بالذكر أن الأصل في مسألة الغسل من الحيض، أنّ المراة المسلمة عندما تُريد أن تتأكد من طهرها أن تقوم بالإغتسال، وفي حال أخرت الإغتسال ذلك يتعلق بأحد الامور الفقهية التالية:
تأخير الغُسل للتأكد من انتهاء حيضتها
روت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدُرْجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلنَ حتَّى ترَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ)، حيثُ أنّ قولها (لا تَعجلنَ): تريد لا تعجلن بالاغتسال، لأنّ اليقين لا يزول بالشك، فلها أن تتريث حتى تتأكد من طهرها، والدُرْجة: ما تضعه المرأة من أجل الحيض، والكرُسُفُ: القطن.
ونِجد أنّ بعض أهل العلم يروا أنها تنتظر يوماً كاملاً أو نصف يوم، حتى يتحقق الطهر، جاء في الشرح الكبير: “لا يثبت لها حكم الطاهرات إلّا أن ترى الطهر يوماً كاملاً؛ لأن الدم يجرى تارة وينقطع أخرى، فلا يمكن اعتبار مجرد الانقطاع، فلا بدّ من ضابط للانقطاع المعدود طهراً، واليوم يصلح أن يكون ضابطاً، فتعلق الحكم به”.
وهذا ما رجحه ابن قدامة -رحمه الله- في المغني، والشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع، مع التنبيه أن من لها عادة معروفة منضبطة فتعمل بعادتها.
تأخير الغُسل بعذر
ورد عن ابن تيمية -رحمه الله-: “لا يجوز وطء الحائض والنفساء حتى يغتسلا، فإن عدمت الماء أو خافت الضرر باستعمالها الماء لمرض أو برد شديد تتيمم وتوطأ بعد ذلك، هذا مذهب جماهير الأئمة”.
وفي حال أصاب المرأة عذر يمنعها من الاغتسال الشرعي فلم تجد الماء مثلاً، أو كان استخدام الماء قد يؤثر في شفاء مرضها وأشباه ذلك من الأعذار الشرعية، في تِلك المسألة تنتقل إلى بديل الطهارة المائية وهو التيمم، ولكن يجب عليها أن تراعي إذا ما كان بإمكانها الجمع بين الغسل في الأعضاء السليمة والتيمم في الأعضاء المصابة.
تأخير الغُسل بغير عذر
روى ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا رأتِ الطُّهرَ ولو ساعةً فلتَغتَسِلْ وتصلِّي)، فالمرأة متى رأت الطهر فهي طاهر تغتسل، وتلزمها الصلاة والصيام، سواء رأته في العادة، أو بعد انقضائها، ولم يفرقوا بين قليل الطهر وكثيره، حيثُ أنه لا يجوز لها تأخير الاغتسال حتى لا يخرج وقت الصلاة وتقع في الإثم.
شاهد أيضاً: الاسقاط النجمي تجربتي وما هي أضراره وحكمه في الاسلام
الاغتسال من الحيض في القرآن الكريم والسنة النبوية
إنّ الغسل من الحيض والنفاس وما شابهُهما أحد الأمور التي أكّدت عليه الشريعة الإسلامية، حيثُ أنّ هُنالك الكثير من الأدلة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي -عليه الصلاة والسلام، من أبرزها:
من القرآن الكريم
- قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، والمعنى: أن المحيض أصله السيلان، ويُقال حاض الوادي إذا سال، ثم أُطلق على الدم الذي ينزل من رحم المرأة في أوقات مخصوصة على وجه مخصوص.
- وقد نهى الله عز وجل المؤمنين عن مباشرة النساء -أي الجماع- في زمن الحيض، فقال: (حَتَّى يَطْهُرْنَ): وفيها قراءتان؛ بالتشديد وبها أخذ جمهور الفقهاء، أي لا تجامعوهن حتى يغتسلن، والثانية قراءة التخفيف وبها أخذ الأحناف، والمعنى حتى ينقطع الدم، حيثُ أنه يجب على المرأة الاغتسال من الحيض حتى تؤدي العبادات الشرعية المطلوبة منها.
من السنة النبوية
- عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ أبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ، أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ، فَقالَ: لا إنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، ولَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأيَّامِ الَّتي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وصَلِّي).
أمور تعرف المرأة بها انتهاء دورتها الشهرية
الجدير بالذكر بأنّ باب الحيض يعد أحد أصعب أبواب الفقه عند الفقهاء، وذلك نظراً لأن الحيض تختلف النساء فيه فيما بينهن، فمنهم من تحيض يوماً وليلة، ومنهم أكثر من ذلك، ولكن الغالب تحيض فيه ستة أو سبعة أيام، من أجل هذا ينبغي على المرأة المسلمة أن تكون على معرفة في أمور دينها فيما يخصها -ربما دون غيرها من النساء-، والفقهاء ذكروا علامات الطهر على النحو الآتي:
الجفوف
وذلك يعني أن تخرج الخرقة جافة ليس بها أثر الدم، ومعنى قولهم جفاف الخرقة ذلك ألا تتغير إذا أدخلت محل الحيض.
القصَّةُ البيضاء
وقد روي في معناه ماء أبيض كالجير، وبعض النساء لا يرين هذا السائل، وقالوا في معنى القصَّة قطعة القطن التي تخرج بيضاء بعد انقطاع الدم.
ونِجد أنّ الأصل أن تعتمد المرأة ما اعتادت عليه من علامة طهرها، حيثُ أنها أحد الأمور التي تعرفها النساء بطبيعتهن، وقد وضّح أهل العلم: “أنّ بعض السلف كان إذا سُئل عن الحيض، قال: ارجع إلى امرأتك لأنّ النساء أعرف منّا بذلك”.
شاهد أيضاً: حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل على الزوج
ما يحرم على الحائض
تعدّدت آراء أهل الفقه في مسألة الأشياء التي يحرم على الحائض الإتيان بها، وقد جاء أغلبها مجمع عليه عند الفقهاء، وفي بعضها خلاف مبسوط في كتب الفقه، ولعل من أبرزها ما جاء في النقاط التالية:
يحرم على الحائض الصلاة
وقد ذهب جمهور الفقهاء على أن الصلاة تسقط بالحيض، ولا يجب عليها قضاء الصلاة.
يحرم عليها الصوم
وهو ضمن الأمور التي أجمع عليها الفقهاء بأن الحائض يحرم عليها الصوم ولا يصح منها، ويجب عليها قضاء ما فاتها من صيام الفريضة.
يحرم عليها الطواف
لاسيما أنّ الفقهاء أجمعوا أنّ الحيض لا يمنع شيئا من مناسك الحج والعمرة إلا الطواف.
يحرم عليها قراءة القرآن
ويُعد أمر اختلف فيه بين الفقهاء، وهذا مذهب الشافعي، وعن مالك وأحمد وأبي حنيفة روايتين إحداهما التحريم، والثانية الجواز، وقد أجمعوا على جواز التسبيح والتهليل وسائر الأذكار غير القرآن للحائض والنفساء.
يحرم عليها حمل المصحف ومسه
حيثُ انها تُعتبر أحد الأمور التي تعددت فيها آراء الفقهاء.
يحرم عليها المكث في المسجد
ولكن يجوز لها عبوره بغير مكث ما لم تخف أن تصيب النجاسة أرض المسجد.
يحرم وطء الحائض في الفرج
إذ أنه من المعلوم بأنه يحرم الجماع في الفرج اتفاقاً.
يحرم الطلاق
نِجد أنه بالرغم من أنه يحرم إيقاع الطلاق في الحيض، نِجد أنّ جمهور الفقهاء اعتبروه واقعاً، وذلك نظراً لأن الأصل أن يقع الطلاق في طهر لم يجامعها فيه.
تبلغ به الصبية
الجدير بالذكر أنّ الفقهاء أجمعوا أن الحيض ضمن علامات بلوغ الصبية، وبه تصبح بالغة مكلفة.
يمنع صحة الغسل التعبدي
نِجد أنّ منع الفقهاء صحة غسل العبادة للحائض، واتفقوا على سنية أغسال الحج، أما الاغتسال للنظافة (الاستحمام) فلا حرج فيه.
الخلاف في سجود التلاوة وسجود الشكر
مما لا شك من ذكره بأنّ جمهور الفقهاء يرون بأنّ سجود التلاوة والشكر من جنس الصلاة، فيحرمان على الحائض، والله أعلم.
يحرم الاعتكاف ولا يصح من الحائض والنفساء.
يوجب الغسل منه.
توصلنا إلى خِتام مقالنا وقد تعرفنا وياكم على حكم تأخير الغسل من الحيض للتأكد من الطهر، وبعض الامور الفقهية التي تعلقت بالحائض والامور المحرم فعلها.