التوحيد الذي انكره المشركون، أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد للعالمين كافة ليُخرجهم من الظلمات إلى النور باذن ربهم، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وقد لاقى الرسول صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة شتى أنواع العقاب والتعذيب والإذلال هو وأصحابه لما جاء به من الدين الجديد، وكانوا يعبدون الأصنام ظناً منهم أنها توصلها بالله عز وجل وهو نوع من أنواع الشرك وقد حرم الشرك وجعله أعظم كبيرة من الكبائر التي لا غفران لها، ومن مباديء الإسلام أن يكون الإنسان موحداً لله مؤمناً بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وقد كان المشركون يُؤمنون بربوبية الله أنه رب كل شيء ولكن كانوا يُشركون معه الأصنام التي كانوا يعتبرونها أنها حلقة وصل بينهم وبين الله.
محتويات
التوحيد الذي انكره المشركون
- كان يعترف المشركون بتوحيد الربوبية، وهو أن الله هو رب كل شيء، الدليل على ذلك قوله تعالى:” وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ”، قال الطبري في هذا الشأن:” ” وإيمانهم بالله هو قولهم : الله خالقنا ورازقنا ومميتنا ومحيينا ، وإشراكهم هو جعلهم لله شريكا في عبادته ودعائه ، فلا يخلصون له في الطلب منه وحده ، وبنحو هذا قال أهل التأويل ” ثم روى مثل ذلك عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وعامر وقتادة وعطاء وجمع .قال قتادة “، ويقولون لا تسأل المشركين من ربك إلا ويقول ربي الله وهو يشرك به، وقال الطبري أيضاً:” الخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك ” وقال ابن زيد ” ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله ويعرف أن الله ربه وخالقه ورازقه وهو يشرك به . . . ألا ترى كيف كانت العرب تلبي تقول : لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك : المشركون كانوا يقولون هذا “.
- وقال الإمام البغوي : ” فكان إيمانهم إذا سئلوا من خلق السموات والأرض ؟ قالوا الله ، وإذا قيل لهم من ينزل المطر ؟ قالوا الله ، ثم مع ذلك يعبدون الأصنام ويشركون ،.” ثم ذكر قول ابن عباس وعطاء ، ويأتي .
الأدلة الشرعية على ثبوت التوحيد لله
- قوله تعالى : ( قل هو الله أحد … الخ السورة ) .
- قوله تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) البقرة/163
- قوله : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة/73 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ : ” إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ “
- عن ابن عمر رضي الله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسَةٍ : عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ )
تعريف التوحيد
يُمكن تعريف التوحيد في اللغة والإصطلاح كالتالي:
- اللغة: في اللغة مأخوذ من وحد الشيء فجعله واحداً.
- المعنى الشرعي: هو افراد الله عز وجل بما يختص من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، ويعرف ابن القيم التوحيد بقولهه:” ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عبَّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن محبة الله، والخضوع له، والتذلل على بابه، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، مما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها”، وتوحيد القلب لابد أن يتضمن المعرفة الحقيقة لمعنى التوحيد من نفي واثبات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله”.
أنواع التوحيد
هناك ثلاث أنواع للتوحيد والتي هي كما يلي:
- توحيد الربوبية: ومعناه أن الله مالك كل شيء ومليكه ورب كل شيء وله الأمر وله الحكم من قبل ومن بعد، وهو قاسم الرزق بين العباد قال تعالى:” هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ”.
- توحيد الألوهية: وهو الإيمان بأن الله هو إله الكون، فلا تجوز العبادة والتقرب إلا إليه وينفي اشراك أحد غيره بمفهوم الألوهية، كاشراك الله مع أحد من مخلوقاته من الكواكب أو النجوم أو الشمس أو القمر أو النار أو البقر.
- توحيد الأسماء والصفات: وهو افراد الله بأسمائه دون غيره فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس، وما غيره هم عباد له ولا يجوز أننطلق على أيأحداسم من أسماء الله عز وجل، وعليه تنزيه الله عز وجل عن صفات البشر كالنوم والكسل والبكاء والعجز.