يتساءل الكثير عن شروط قبول الدعاء المستجاب، فالدعاء أحد العبادات التي تصل بين العبد وربه، في حاله ما إذا تعرض العبد إلى بعض المشاكل أو العقبات أو في حالة شعوره بالضيق أو سوء الحالة النفسية، يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى يناجيه، ويتضرع إليه بالدعاء لفك الكرب، إيماناً منه وثقة في وعد الله لعباده حين قال بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة:186]، ولذلك بعد الدعاء هي الصلة الوثيقة بين الله سبحانه وتعالى وبين عباده.
محتويات
شروط قبول الدعاء المستجاب
الدعاء هو أفضل وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن الدعاء آداب يجب الالتزام بها، وشروط يجب توافرها للتأكد من أن الدعاء مستجاب، وسوف نوضح لكم في هذا المقال بالتفصيل شروط قبول الدعاء المستجاب وهي على النحو التالي:
- من شروط استجابة الدعاء هو استخلاص النية لله عز وجل وأن يكون الداعي على يقين بتنفيذ إرادة الله سبحانه وتعالى، وألا يدعو إياه، واستناداً في ذلك بالحديث النبي الوارد ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ” يا غلام اني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله”ويعتبر هذا الشرط من أهم الشروط الأساسية لقبول الدعاء، حيث أن هناك بعض الأشخاص يدعوا الأموات من عباد الله الصالحين ليكون وسيط بينه وبين الله سبحانه وتعالى مثل الإمام الحسين، وغيره، على اعتقاد خاطئ منهم بأنهم مذنبون وليس لهم مع الله سبيلاً، وهذا الاعتقاد خاطئ، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين.
- الخشوع والخضوع والتضرع عند الدعاء، والتوسل إلى الله عز وجل بأي من التوسلات المشروعة.
- يجب أن يكون الدعاء بالخير لا يتضمن إثم كبير، ولا قطيعة ، ولا خطيئة، استنادا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد الأحاديث النبوية الشريفة” يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”
- يجب ألا يكون الدعاء سبب في الانشغال عن القيام ببعض الأمور الهامة الواجبة، أو يؤدي إلى ترك فريضة بحجة الدعاء.
- يجب توافر الإخلاص في الدعاء ، فيأتي الداع إلى الله سبحانه وتعالى بقلب صادق ومحتاج إلى اللجوء إلى الله، ويسلم وجهه لله متيقنا بقبول الدعاء.
- يجب أن يشعر الشخص الداع أنه في أمس الحاجة للدعاء ، وأنه لا سبيل إلا الله سبحانه وتعالى لقبول رجاه.
- يجب الالتزام بالتضرع في الدعاء، وعدم الاعتداء، استنادا بنا ورد ذكره في القرآن الكريم، حين قال الله سبحانه وتعالى” ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين”.
- الحلال وإطابة المأكل، فكيف يقبل الله سبحانه وتعالى الدعاء ممن عرز نفسه في الحرام، مأكله حرام، وملبسه حرام، وشربه حرام، وعلى الرغم من ذلك يتوجه إلى الله ويناجي بالدعاء، واستناداً في ذلك بقول رسول الله صلى الله صلى عليه السلام” ذكر الرسول الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه ال السماء ويقول يارب يارب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك”.
- صفاء النية وحضور القلب وتصفية الذهن، فالله سبحانه وتعالى لا يستجيب لمن كان قلبه لاه ومشغول عنه بغيره، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز” إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين” .
- رفع اليد إلى الله سبحانه وتعالى، فالله عز وجل فوق العرش ، واستنادا في ذلك لما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الإمام أحمد بن حنبل في المسند، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن الله حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً”.
- يجب عند التوسل إلى الله ، والتقرب إليه بالدعاء أن ينادي العبد الله سبحانه وتعالى يقول يارب يارب، لأن الرب هو الجامع الشامل، هو المالك والخلاف والمدبر، ونلاحظ أن أغلب الآيات القرآنية الكريمة التي تتضمن الدعاء يذكر كلمة يارب مثل ” ربنا أننا سمعنا منادي ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.
- حسن الظن بالله، واليقين بأن الله سبحانه وتعالي سيقبل الدعاء ويستجيب الرجاء، فهو مالك الملك، وهو على كل شيء قدير، وذلك كما قال الله سبحانه وتعالى” أنا عند حسن ظن عبدي بي” .
شاهد أيضا: خير الدعاء دعاء يوم عرفة
آداب الدعاء
كما سبق وإن ذكرنا أن للدعاء شروط يجب توافرها للاستجابة، كما أنه للدعاء آداب يجب الالتزام بها وعلى المسلم أن يؤديها حتى يكون الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أقرب، وسوف نوضح لكم بالتفصيل فيما يلي آداب الدعاء وهي كالتالي:_
- اقتران الشيء الذي ينتج عن الدعاء والشيء الذي يترتب علي إجابته، بالإضافة إلى بيان النتيجة في حالة عدم استجابة الدعاء فعلي سبيل المثال دعاء نبر الله موسي عليه السلام حين قال ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾[طه 29: 34] ويليه مباشرة النتيجة وذلك في قوله سبحانه وتعالى ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس:88]
- الدعاء من أعظم العبادات ولذلك على الداعي أن يتمهل في الدعاء، ويدعو بكل راحة وطمأنينة، حيث أن أغلب الأشخاص يكرهون استبطاء قبول الدعاء، ولكن على المرء أن يعلم علم اليقين بأن الله سبحانه وتعالى أعلم بالمصلحة الخاصة بعباده وسوف يختار لهم الأفضل، في حين أنه من الممكن أن يكون قبول الدعاء لهو من الضرر على الداع، وعدم استجابته هو فضل من الله في منع الضرر.
- يجب عند الدعاء البدء بالثناء على الله عز وجل، والصلاة على نبي الهدى والتقى والرحمة، النبي الأمي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبع هداه إلى يوم الدين.
- اللجوء إلى الله في خشوع، فعلي المرء الوضوء، واستقبال القبلة، وعلو اليدين للدعاء.
- الإلحاح والإسرار في الدعاء
- يجب على المرء عند الدعاء أن يقوم بالدعاء لنفسه أولاً، ثم الدعاء لمن أراد، استناداً في ذلك على دعاء الأنبياء ” ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان”
- توافر العزم في الدعاء، وختم الدعاء بجملة إن شئت.
- يجب تكرار الدعاء ٣ مرات، حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ثلاث وهو قدوتنا وخير مثال للأخلاق الحميدة، واستنادا في ذلك ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا، ويستغفر ثلاثا”.
- عدم اتباع السجع وترك التكلف، استناداً لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه”.
- الدعاء بالكلام الجامع الشامل وهو يعني الدعاء بأقصر الجمل التي تحمل الكثير من المعاني، وخير دليل على ذلك وجود الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتضمن أدعية جامعة شاملة” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”، وبعض الأدعية التي تم ذكرها في القرآن الكريم” ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم”.