من شروط الحج والعمرة، من الشعائر الاسلامية التي فرضها الله على المسلمين فريضة الحج والعمرة، لما لهما من أجرٍ عظيم وثواب كثير يعود على حياة الانسان في الدنيا والآخرة، كونه يتقرب الى الله سبحانه وتعالى بهما رغبة في نيل رضاه، وكما كل العبادات فعبادة الحج والعمرة لها شروط وضوابط خاصة بهما وسنقوم في المقال القادم بعرض بعض من شروط الحج والعمرة.
محتويات
أهمية الحج والعمرة
من الشعائر التي يقوم بها المسلم خلال حياته الدنيا فريضة الحج والعمرة كونهم أعمال صالة يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى طلباً لرضاه وجنته وسنتكلم بإسهاب عنهما خلال الفقرة القادمة :
- الحج : للحج مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، حيث يعتبر الحج رُكنٌ من أركان الإسلام الخمسة، والدليل على ذلك حديث عبدالله بن جابر رضي الله عنه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، هذا بالإضافة إلى كون الحج موسمٌ من مواسم الخير والبركة التي شرعها الله لعباده المسلمين، حيث ينالون من خلاله فيضٌ من رحمته وعظيم كرمه، وويقوم المسلمون بأداء فريضة الحجّ وذلك استجابةً لأوامر الله عزّ وجلّ وهم يستحضرون في أنفسهم الحِكم العظيمة التي تكمن في تشريعها، ومن أهمها أنّ الحاجّ يُظهر لله سبحانه وتعالى فقره وحاجته إليه، فمن خلالها يعلم كمال ربّه سبحانه وتعالى، وعظمته، ورحمته.
- العمرة : هي التعبد لله سبحانه وتعالى عبر الطواف بالبيت الحرام، والقيام بالسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير، والعمرة واجبة في العمر مرة واحدة، لقوله تعالى : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، وفي السنة النبوية ورد تأكيد ذلك فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ الحَجُّ وَالعُمْرَةُ». أخرجه أحمد وابن ماجه.
فضل الحج والعمرة على المسلم
كل الشعائر الاسلامية التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عبادة تحوي من الفضل العظيم والجزاء الكبير الذي يعود على حياة المسلم في الدنيا والآخرة، ولقد وردت الكثير من الأحاديث والآيات القرآنية التي تتحدث عن فضل الحج والعمرة، فلقد ورد في أحاديث النبي عن فضل العمرة ما يلي :
- فضل العمرة : عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةُ».
- فضل أداء العمرة في شهر رمضان : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّتِهِ، قال لأُمِّ سِنَانٍ الأنْصاريَّةِ: «مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ». قالتْ: أبُو فُلانٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أرْضاً لَنَا. قال: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي» وهو متفق عليه.
- فضل أداء الحج على المسلم: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَابعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ». أخرجه النسائي.
من شروط الحج والعمرة
هناك عدة شروط لوجوب الحج والعمرة على المسلم، وهي شروط يجب توافرها فيه لقبول هذا العمل الصالح منه عند الله عز وجل فينال الجزاء العظيم على أدائهم ومن أهم هذه الشروط ما يلي :
- الإسلام: أي أن فريضة الحج لا تطلب إلّا من المسلم.
- العقل: يشترط في الحاج أن يكون عاقلاً؛ ذلك لأنّ العقل شرطٌ من شروط التكليف، فالشخص المجنون ليس من أهل الحج والعمرة، ول ا هو حتىمن أهل العبادة، فالعبادة منه ليست صحيحة بالإجماع، فلو حَج المجنون لن تقبل منه حَجته، ولكن لو أفاق المجنون وجب عليه الحَج، وذلك بالدليل الشرعي ما رواه عليّ بن أبي طالب عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ عنِ النَّائمِ حتَّى يستَيقظَ وعنِ المعتوهِ أو قالَ: المَجنونِ حتَّى يعقلَ وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يَشُبَّ).
- البلوغ: حيث أن من لم يصل سِن البلوغ، لا يجب عليه الحج ولا العمرة، وذلك يعود لكونه ليس أهلاً للتكليف بهما، ولكن إن حَج، فحجه صحيحا حتى ولو كان تطوعاً منه؛ والدليل على ذلك حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (أنَّ امرأةً رَفعتْ صبيًّا لها إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالتْ: يا رسولَ اللهِ ألِهَذا حَجٌ قال: نعمْ ولكِ أجرٌ)، ولكن يجب عليه أداء حَجّة الفريضة بعد البلوغ بإجماع المذاهب على ذلك، لأنّه أدّى الحج وهو ليس واجب عليه، فلا تسقط بذلك الحجة الواجبة عليه، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: (إذا حجَّ الصبيُّ فهي له حجَّةٌ حتى يعقِلَ، فإذا عقَل عليه حجَّةً أُخرى، وإذا حجَّ الأعرابيُّ فهي له حَجَّةٌ، فإذا هاجر فعليه حَجَّةٌ أُخرى).
- الحرية : فالحج ليس واجباً على العبد، كونه يعمل على خدمة سيده طوال الوقت وليس لديه الوقت الكافي للحج أو العمرة، ولعدم استطاعته تحمل تكاليف مؤونته، وراحلته، ولكن إن أدى الحج بإذن من سيده، فيصبح بذلك حجه صحيحاً، ويعتبر تطوُّعاً منه، بينما لو قام بالحَج من غير إذن سيده، فإنه يأثم على ذلك، ولكن إن تحرر من عبوديته، فإنّ الحَج حينها واجب عليه.
- الاستطاعة: هي أن يمتلك القدرة المالية والجسدية، وتختلف الاستطاعة باختلاف الناس، وما تعودوا عليه، ومن ضوابط الاستطاعة قدرة الحاجّ على الركوب، وتأمينه الراحلة الخاصة به، وقدرته على امتلاك المؤونة الخاصة به والراحلة التي تناسبه، بحيث تكون تلك القدرة زائدة عن نفقة مَن تلزمه نفقتهم، وعلى حاجاته الأساسية.
شروط الحج للمرأة
يشترك الرجال والنساء في الشروط السابقة الذِّكر في المقال، ولكن يوجد للمرأة شروطاً إضافية على الشروط السابق ذكرها، وفيما يلي سنقوم بتفصيل رأي المذاهب المختلفة في توضيح شروط الحجّ للمرأة :
- الرأي الأوّل: أوجب المذهب الحنفيّ شرطَين إضافيَّين لأداء الحَجّ للمرأة، ومنهما : وجود زوجها، أو محرمٍ معها في الحج، ولم يفرقوا بين كَوْنها شابّةً أو عجوزاً، فالمُحرم هو الشخص الذي لا تستطيع المرأة الزواج به، بسبب قرب النَّسَب، أو حتى المُصاهَرة، أو الرَّضاعة أيضاً، كما ويُشترَط في المُحرم أن يكون شخصاً بالغاً وعاقلاً، وسبب ذلك يعود الى أن المسافة إلى مكّة كانت عبارة عن مسيرة ثلاثة أيّامٍ وأكثر، فإن كانت المسافة أقلّ من ذلك، فيمكنها أداء الحج والعمرة دون اشتراط وجود مُحرمٍ معها، ألّا أن تكون المرأة مُعتدّةً، أي أن تكون مطلقة، أو أرملة،
- الرأي الثاني: أوجب المذهب المالكيّ ثلاثة شروطٍ لصحة حَجّ المرأة، وهي عبارة عن: إلزامها بوجود مُحرمٍ، أو زوجها، أو حتى وجود مجموعةٍ من الصحبة المأمونة معها، ويجب عليها تيسير الركوب إن كانت المسافة بعيدةً إلى مكة المكرمة، وتقاس المسافة البعيدة بالمسافة التي تُلحِق المَشقّة والتعب بها أثناء سفرها، ويجب أن لّا تكون المرأة مُعتدّةً من طلاقٍ، أو وفاةٍ زوجها؛ لأنّ وجودها في بيت العِدّة إلزامي وواجبٌ، فإن قامت بالإحرام للحَجّ، صحّ إحرامها ولكن مع الإثم، ويجب عليها إتمام الحَجّ حينها.
- القول الثالث: اشترط المذهب الشافعيّ لصحة حَجّ المرأة ما يلي : وجوب وجود زوجها معها، أو مُحرمٍ أيضاً، ويمكنها أن تدفع له أجره عند القدرة عليها، أو أن تؤديها مع وجود نسوةٍ ثِقاتٍ بحيث لا يقل عددهن عن اثنتين في الحج المفروض عليها وذلك بخِلاف النفل، فلا تجوز فيه الرفقة، كما وأجازوا للمرأة الخروج وحدها لأداء الحج الفرض عليها إن أَمِنت طريقها، بحيث تؤمن وجود الراحلة لها، وهذا ينطبق عليها سواء كانت المسافة للسفر بعيدةً، أو حتى قريبةً، على أن تكون الراحلة مجهَزةً بكل ما يلزمها للسفر، كالخيمة للبيات فيها والستر.
- القول الرابع: قال المذهب الحنابلي بوجوب وجود مُحرمٍ معها، أو زوجٍ للمرأة أثناء أداء فريضة الحج.
وبالإضافة إلى الشروط السابقة، يشترط تيسر المسير أيضاً وأن تجتمع شروط الحَجّ في الشخص المكلف مع وجود الوقت لأدائها، وذلك لإدراك فريضة الحَجّ، وسَّير المسافة الكافية إليه، حيث تتم فريضة الحج في شهر الحج فقط،، أي أنه وقت الخروج إليه، فقد جعله الجمهور من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة شرط من شروط وجوبٍ للحَجّ على المسلم، لأنّه من شروط الاستطاعة، حيث أنّه يعتبر في مكانة دخول وقت الوجوب، ويختلف وقت الوجوب باختلاف أماكن الأشخاص بحيث يكون وقت الوجوب لكلّ شخص هو عند خروجه للحج أو العمرة، ولكن الحنابلة جعلوه شرط واجب لأداء الحج والعمرة، بهذا نكون قد لخصنا لكم في الفقرة السابقة بعضاً من شروط الحج والعمرة.