صحة حديث من غشنا فليس منا، نبي الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كان مثال للأخلاق التي تمشي على الأرض، فلقد ارسله الله عز وجل للناس رحمة ومعلما لهم، حيث كانت حياته مليئة بالدروس والمواعظ عن المعاملات الانسانية والاخلاقية بين الناس كافة، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو خير مثال وأسوة للأمة الاسلامية يجب الاقتداء به في تصرفاته واخلاقه وعباداته، وكان للرسول عليه السلام العديد من الاحاديث الشريفة التي يجب علينا التحقق من صحتها قبل الأخذ بها ومنها صحة حديث من غشنا فليس منا.
محتويات
الرواية الصحيحة من غشنا فليس منا
من الأحاديث النبوية الشريفة هو هذا الحديث الذي توراد إلينا عبر صحيح مسلم فكانت روايته كما يلي : عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني) رواه مسلم .
وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم : (من غشنا فليس منا).
من غشنا فليس منا
الغشّ من الظواهرةٌ الاجتماعيّة الخطيرة، حيث يقوم فيها الكذب مكان الصدق ويصدق من قبل المخدوعين به، فالخيانة توضع مكان الأمانة، والهوى يحل في مقام الرّشد، وذلك لحرص صاحبها على إخفاء حقيقتها، والعمل على تزيين الباطل وجعله يبدو حقاً، ومثل هذا السلوك لا يصدر إلا من قلب غير سليم وقد غلبه الهوى، لما فيه من انحراف عن المنهج الرباني، ومظاهر الغش والخداع في المجتمع كثيرةٌ، ولقد جاء أحدها مع نبين البرية عليه السلام في موقف سجله لنا التاريخ، وفيه أنه النبي صلى الله عليه وسلم كان في زيارةٌ إلى السوق ليشتري ما يحتاجه، فاستوقفه منظر كومة من طعام وقد عرضها صاحبها للبيع، وعندما ألقة نظرتة الأولى أُعجب النبي صلى الله عليه وسلم بالطعام فهو كان يبدو عليه انه فائق الجودة والنضارة، لكن الفحص الدقيق له أظهر ما كان خافياً عن النظر، وذلك عندما أدخل النبي عليه الصلاة والسلام يده الشريفة إلى تلك كومة الطعام فإذا بها تبتل على لدرجة أنه يوحي بقرب فسادها.
وفي تكملة القصة والعبرة نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجل، وألقى إليه بنظرةِ لائمٍ وأتبعها بسؤال المعاتب له: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) ، فأطرق الرجل رأسه في خجل وأنزله وقال للنبي عليه السلام : أصابته السماء يا رسول الله، وكأنه يريد أن يعتذر عن فعلته للنبي ولكن عذره غير مقبول، فحاول أن يُبرّر موقفه ولو بأقبح الاعذار، وكان كل ذلك محاولةً منه لتخفيف غضب النبي عليه الصلاة والسلام وعتابه.
لكنّه رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعلم هذه البشريّة، ومتمم الأخلاق للمسلمين، فما كان له أن يتجاهل موقف كهذا، فالموقف ليس موقف مجاملات أو صفح عن خطأ حصل بشكل فردي، ولكنّه وقت مهم لترسيخ مبدأ عظيم يراه الرسول عليه السلام لكي يحفظ حقوق الناس ويصونها من العبث والتدليس والغش: ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني).
صحة حديث من غشنا فليس منا، في رواية أخرى للحديث عند مسلم قال عن النبي عليه السلام: (من غشنا فليس منا)، أي أن الحديث يحتمل صحة العبارتين وهما (من غشنا فليس منا) و(من غشّ فليس مني).