حديث النصف من شعبان هل هو صحيح، تعتبر السنة النبوية هي واحدة من أبرز مصادر التشريع الإسلامي التي يؤخذ مما جاء فيها، كونها تعتبر مفصلة ومفسرة لكثير من الأحكام التي جاءت في القرآن الكريم، ولكن لا يجوز نشر كل ما يتم قراءته ونسبه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يتم التأكد من صحة هذا الحديث، ومعرفة سلسلة الرواة الذين نقلوا الكلام على لسان النبي الكريم.
محتويات
صحة حديث يطلع الله ليلة النصف من شعبان
تمتلك ليلة النصف من شعبان الكثير من الأهمية والفضل الكبير، ويجب على المسلمين أن يكونوا مُقبلين على الطاعات والعبادات في هذه الليلة، كما يجب عليهم الاكثار من الدعاء، حتى ينالوا فضل هذه الليلة، والجزاء الحسن الذي يأتي تبعاً لما يقوم به المسلمين من أعمال صالحة في ليلة النصف من شعبان، وقد أكد أهل العلم ان الدعاء في ليلة النصف من شعبان مستجاب، كما ان الله يطلع على أمور عباده، ويغفر للمؤمنين في هذه الليلة ذنوبهم، أما ما يتعلق بحديث النصف من شعبان هل هو صحيح، فقد رُوي ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فارزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا سائل فأعطيه؟ ألا كذا، ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر”، ولكن هذا الحديث يُعد حديثاً موضوعاً وليس حديثاً صحيحاً، وهذا تبعاً لوجود “ابن ابي سبرة” في اسناد هذا الحديث، وقال الإمام أحمد بن حنبل ان “ابن أبي سبرة” كان واضعاً للحديث، ولم يكن الامام أحمد بن حنبل هو الوحيد الذي اضعف هذا الحديث، بل قام بإضعافه كلاً من:
- البوصيري في الزوائد.
- ابن رجب في لطائف المعارف.
- المنذري في الترغيب والترهيب.
- الألباني في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة.
شاهد أيضاً: صحة حديث ان الله ينزل ليلة النصف من شعبان.
تفسير حديث ليلة النصف من شعبان
لم يكن حديث يطلع الله ليلة النصف من شعبان هو الحديث الوحيد الموضوع في فضل ليلة النصف من شعبان، فقد اكد اهل العلم والحديث ان حديث “في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة”، حديث مرسل وكل مرسل ضعيف، ولم يرد في سنده سند قوي يمكن الاخذ به واعتبار الحديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ان حديث “تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له، وقد اخرج اسمه في الموتى”، حديث ضعيف، واكد الكثير من علماء الحديث ان هذا الحديث لا يمكن الاخذ به ولا يصح القول بأنه حديث صحيح، أما حديث “يَطَّلِعُ اللهُ إلى خَلْقِه ليلَ النِّصْفِ من شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خلقِه إلا مُشْرِكٍ أو مُشاحِنٍ”، فهذا الحديث حديثاً صحيحاً، ويبين الفضل الكبير الذي تحظر به ليلة النصف من شعبان، وتفسير هذا الحديث ان الله في ليلة النصف من شعبان يطلع الى خلقه ويقوم بمغفرة ذنوب المؤمنين القائمين على الطاعات والعمل الصالح، ولكنه لا يغفر للمؤمنين المتعادين، ولا المشركين، لذا يجب ان تتلاشى كل العداوات بين المؤمنين حتى يغفر الله لهم ذنوبهم ويمحي خطاياهم.
شاهد أيضاً: هل يجوز صيام ليلة النصف من شعبان.
ما صح في ليلة النصف من شعبان
هناك الكثير من الأحاديث التي وردت في بيان فضل ومكانة ليلة النصف من شعبان أحاديث موضوعة لا يجب الاخذ بها، كما يوجد أحاديث صحيحة وأكد على صحتها علماء الحديث ويجب الاخذ بهذا الأحاديث والالتزام بما جاء به، حتى ينال المسلم من فضل هذه الليلة المباركة الشيء الكثير، ومن ضمن الأحاديث التي يصح الاخذ بها بما يتعلق بليلة النصف من شعبان، ما يلي:
- ما رُوِي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “قام رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- من اللَّيلِ يُصلِّي، فأطال السُّجودَ حتَّى ظننتُ أنَّه قد قُبِض، فلمَّا رأيتُ ذلك قُمتُ حتَّى حرَّكتُ إبهامَه فتحرَّك فرجعتُ، فلمَّا رفع إليَّ رأسَه من السُّجودِ وفرغ من صلاتِه، قال: يا عائشةُ -أو يا حُميراءُ- أظننتِ أنَّ النَّبيَّ قد خاس بك؟ قلتُ: لا واللهِ، يا رسولَ اللهِ، ولكنَّني ظننتُ أنَّك قُبِضْتَ لطولِ سجودِك، فقال: أتدرين أيُّ ليلةٍ هذه؟ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: هذه ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ، إنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- يطَّلِعُ على عبادِه في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ، فيغفِرُ للمُستغفِرين، ويرحمُ المُسترحِمين، ويؤخِّرُ أهلَ الحقدِ كما هُم”.
- ما رُوِي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: “يطَّلِعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِه إلا لمشركٍ، أو مُشاحِنٍ”.
شاهد أيضاً: فضل قيام ليلة النصف من شعبان.
من صحح حديث النصف من شعبان
تمتلك ليلة النصف من شعبان مكانة عظيمة جداً، حيث يوازي بعض اهل العلم بين مكانة هذه الليلة ومكانة ليلة القدر، وهذا الأمر يؤكد بشكل جازم على فضلها، كما يستحب ان يصوم المسلمين في نهار النصف من شعبان، ويؤدون قيام الليل في ليلة النصف من شعبان، كما يجب عليهم المواظبة على الدعاء والاذكار وقراءة القرآن والأعمال الصالحة، لأن الله يمنح المسلمين هذه الليلة لتكون فرصة لهم لمغفرة ذنوبهم وبدء حياتهم من جديد كالصفحة البيضاء التي لا يشوهها اي سواد، ويجب اغتنام هذه الفرصة بشتى الطرق، ليكون الخير والبركة هي الثمار التي يجنيها المسلمون من زرعهم الذي زرعوه في ليلة النصف من شعبان، وكما يوجد احاديث صحيحة في بيان فضل ليلة النصف من شعبان، يوجد احاديث لا يجب الاخذ بها، ولا تنتسب لرسولنا الكريم، ويجب على المسلمين معرفتها للحذر منها وعدم الوقوع في براثنها التي تودي بهم للهلاك والضياع والشتات، ومن هذه الاحاديث ما ورد ذكره فيما يلي:
- ما رُوِي عن عليٍّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “إذا كان ليلةُ نِصفِ شعبانَ، فقوموا ليلَها وصوموا نهارَها، فإنَّ اللَّهَ تعالى ينزلُ فيها لغروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا مستغفِرٌ لي فأغفرَ لهُ، ألا مسترزِقٌ فأرزقَهُ، ألا مبتلىً فأعافيَهُ، ألا كذا، ألا كذا؟ حتَّى يطلُعَ الفجرُ”.
- ما رُوِي عن أبي أمامة الباهليّ، قال: “خمسُ ليالٍ لا تُرَدُّ فيهُنَّ الدّعوةُ : أوّلُ ليلةٍ من رجبٍ، وليلةُ النِّصفِ من شعبانَ، وليلةُ الجمعةِ، وليلةُ الفطرِ، وليلةُ النَّحر”.
- ما رواه كردوس بن عمرو، قال: “مَن أحيا ليلتَيِ العيدِ وليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، لم يَمُت قلبُهُ يومَ تموتُ فيهِ القلوبُ”.
- ما رُوِي عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ، يغفرُ اللهُ منَ الذنوبِ أكثرَ منْ عددِ شعرِ غنمِ كَلْبٍ”.
حديث المغفرة في النصف من شعبان
ورد في المغفرة التي ترتبط بليلة النصف من شعبان حديثين، أحدهما صحيح ومنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم، والآخر موضوع ولا صحة له ولا ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أما حديث المغفرة في ليلة النصف من شعبان الصحيح فهو ما رُوِي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: “يطَّلِعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِه إلا لمشركٍ، أو مُشاحِنٍ”، أما حديث المغفرة في ليلة النصف من شعبان الموضوع فهو ما رُوِي عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ، يغفرُ اللهُ منَ الذنوبِ أكثرَ منْ عددِ شعرِ غنمِ كَلْبٍ”.
شاهد أيضاً: أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان.
فضل ليلة النصف من شعبان
لم يجتمع علماء المسلمين على قول واحد فيما يتعلق ببيان فضل القيام في ليلة النصف من شعبان، حيث استحب بعض اهل العلم والفقهاء قيام ليلة النصف من شعبان، وهذا لكونها تجعل المسلم بين يدي الله ورحمته، وتجعل الله يغفر له ذنوبه ويرزقه من الحسنات ما يزيد به رصيده ويرفع به مكانته عند الله، كما اكد هذا الجمهور من الفقهاء ان قيام ليلة النصف من شعبان يُجيب للمسلمين كل دعواتهم، ويجعل الرحمة والسكينة تسقي قلوبهم، وقال الامام ابن تيمية أن الكثير من السلف كانوا يواظبون قيام ليلة النصف من شعبان، أما جمهور اهل الفقهاء الذي تمثل بالمالكية والحنفية كانوا على راي آخر مخالف تماماً لرأي الجمهور الأول الذي استحب قيام ليلة النصف من شعبان، حيث اكد فقهاء المذهب المالكي والحنفي على كراهة قيام ليلة النصف من شعبان في المساجد، والسبب في كراهة هذا الأمر اعتباره من البدع التي تودي بالمسلمين للضلالة التي تكون نهايتها النار، كما اكدوا على ان الشريعة لم تأتِ بمثل هذا الامر، وهذا يعد احداثاً لصلاة مخصوصة يطلق عليها اسم “صلاة الرغائب”، وهي صلاة محرمة ومنكرة وبدعة لما قال عنها الامام النووي فيما يلي:
“الصّلاة المعروفة بصلاة الرّغائب، وهي ثنتا عشرة ركعةً، تُصلّى بين المغرب والعشاء ليلة أوّل جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصّلاتان بدعتان ومُنكَران قبيحان، ولا يُغتَرّ بذكرهما في كتاب قوت القلوب، وإحياء علوم الدّين، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإنّ كلّ ذلك باطل”.
ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان
هناك الكثير من التي ارتبطت بليلة النصف من شعبان، وهذه البدع لا محل لها في الشريعة الاسلامية، ولم تأت الشريعة باي أمر منها ولم يحث الرسول المسلمين على القيام بها في ليلة النصف من شعبان، ومن ضمن البدع التي ارتبطت بليلة النصف من شعبان ويؤديها الكثير من المسلمين ظانين انها من الأوامر التي امر بها اله ورسوله في ليلة النصف من شعبان ما يلي:
- الالتزام بعدد معين من الركعات في ليلة النصف من شعبان، مثل صلاة الرغائب والتي هي منكرة وبدعة.
- اعتقاد المسلمين بأن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر.
- عشيات الوالدين الذي يتم عن طريق صناعة الطعام وتوزيعه على الفقراء.
- صلاة البراءة، وهذه الصلاة يقوم المسلمين بتأديتها بعدد ركعات قدره مئة ركعة.
- الالتزام بأدعية مخصوصة في ليلة النصف من شعبان.
- صلاة الست ركعات التي يؤديها المسلمون لدفع البلاء والكروب.
- قراءة سورة يس في ليلة النصف من شعبان.
تبعاً لما ورد من أحاديث موضوعة في بيان فضل ليلة النصف من شعبان، بات الكثير من المسلمين يبحثون حول حديث النصف من شعبان هل هو صحيح، وقد تبينا جميع الأحاديث التي وردت في ليلة النصف من شعبان، مستدلين من خلالها على الحديث الصحيح والحديث الموضوع، حتى يحذر المسلمون من كل ما وضع في الحديث، ويأخذوا بالحديث الصحيح الذي صح نسبه عن الرسول صلى الله عليه وسلم واجتناب المسلمين الحديث الموضوع الذي لم يصح نسبه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.