من هم الثلاثه الذين تخلفوا في غزوه تبوك، إن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضوان الله عليهم أسوة حسنة، فقد كانوا خير قدوة للناس كافة، وكان يضرب المثل في حب صحابة النبي له، وقد نزلت سورة التوبة في آدم عليه السلام، الذي أخطأ رغم نبوته، وإن جميع الخلائق خطاؤون حتى تقوم الساعة، إلا ما عاد وتاب منهم، فهو خيرهم، وإن في حياة الصحابة وكل ما ورد عنهم عبر لمن حولهم، ومن جاء بعدهم من الأمم، وإن خير عظة نتعلمها من سيرة الصحابة هي سيرة من هم الثلاثه الذين تخلفوا في غزوه تبوك.
محتويات
قصة الثلاثه الذين تخلفوا في غزوه تبوك
لقد نادى منادي الجهاد في المدينة، أن الروم قد أجمعوا جيوشهم على مشارف الشام لغزو المسلمين، فلبى النداء صحابة رسول الله، وكان الجو شديد الحرارة، فتخلف ثلاثة من صحابته عن الجيش:
أسماء الثلاثه الذين تخلفوا في غزوه تبوك وسبب تخلفهم
- مرارة بن الربيع: وقد تخلف بسبب بستان يانعة ثماره، كان يمتلكه، فسولت له نفسه بأن يجلس تحت الأشجار والظل، وأن لا يخرج في الحر الشديد.
- هلال بن أمية: الذي كان قد اجتمع أهله عنده، فأنس بهم، وتردد ولم يلحق الغزو.
- كعب بن مالك: وقد منعه من ذلك أنه كان متردداً، ويشوف خروجه، حتى فاته الجيش، ولم يستطع اللحاق به.
اعتذار الصحابة الذين تخلفوا عن الغزوة للنبي
بعد أن انتهت غزوه تبوك بدأ المتخلفون عن الغزوة بالذهاب للنبي صلى الله عليه وسلم لتقديم اعتذارهم لتخلفهم، فقبل اعتذارهم النبي، واستغفر لهم، وأوكل سرائرهم لله.
فلما سمع كعب بن مالك بذلك أخذ يختلق عذر لتقديمه للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن لم تطاوعه نفسه للكذب على رسول الله، فذهب إليه وهو يعزم على قول الصدق.
فقال: “فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ «تَعَالَ». فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لي: «مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ». فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ”.
عقوبة الثلاثه الذين تخلفوا عن الغزوة
لقد كانت عقوبته، بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة أن يتكلموا معهم، أو يتعاملوا معهم، وذلك مدة خمسين يوم، فما كان من هلال ومرارة إلا أن التزموا البكاء في بيوتهم، أما كعب بن مالك فقذ كان يذهب للمسجد لأداء الصلاة، ويسلم على النبي ويسرق النظر نحوه، ليراه هل سيرد عليه أم لا.
بعد أربعين ليلة ذهب رسول من عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى كعب فأخبره بأن يعتزل زوجه، ولا يقربها، وذهب أيضاً لمرارة، وهلال، إلا أن زوج هلال استأذنت النبي بأن تبقى بخدمة زوجها لأنه شيخ كبير في السن، فأذن لها النبي شرط أن لا يقربها.
أكمل الثلاثه العشر ليال المتبقية، لتضيق بهم الأرض بما رحبت، فجاء أمر الله بأن تاب عليهم، في الآية ١١٨من سورة التوبة: “وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”.
لقد استجاب الثلاثه إلى أمر الله ورسوله، وبسبب أنهم صدقوا رسول الله وأطاعوا أمره، تاب الله عليهم، وهذه هي قصة من هم الثلاثه الذين تخلفوا في غزوه تبوك.