شروط اجابة الدعاء المستجاب

شروط اجابة الدعاء المستجاب، يعتبر الدعاء روح العبادة وأساسها لأنّ الداعي لا يتوجّه إلى ربّه بالدعاء إلّا لكونه يعلم علم اليقين بأنّ النّفع وجلب الخير وكشف الضّر هو بيد الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا دليل على إخلاص العبد، وتوحيده لله عز وجل فهما من أفضل العبادات فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : (الدُّعاءَ هوَ العِبادَةُ، ثمَّ قرأَ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،فالله سبحانه وتعالى يستحب من المسلم الإكثار من الدعاء، لأن الدعاء في حد ذاته هو عبادة يشعر المسلم من خلالها بلذة الصلة بربه والقرب منه، والتعلُق بالله سبحانه وتعالى،  فالدعاء هو: توجه العبد إلى الله سبحانه وتعالى بطلب حاجته، وهو محبب في كل الأوقات، فلم يجعل الله سبحانه وتعالى له وقتاً مُحدَّوداً، أو حداً معيناً، والدعاء ينقسم إلى: دعاء الثناء، ودعاء المسألة، أما دعاء الثناء، فهو: دعاء الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته لتحقيق ما يريده الداعي، أو دفع ما يكرهه عنه كدفع السؤ عن المسلم، أما دعاء المسألة، فهو: طلب المَنافع والحاجات من الله سبحانه وتعالى، وطلب كف الأضرار والسؤ عن الداعي، و كلا النوعين يعتبر عبادة، وسنتكلم في سطورنا القادمة عن شروط اجابة الدعاء المستجاب.

أهمية الدعاء

أهمية الدعاء
أهمية الدعاء
التوجُّه لله سبحانه وتعالى بالدعاء له أهمّية كبيرة تعود على حياة المسلم بالنَفع في هذه الدُنيا، وفي الدار الآخرة، ومنها ما يأتي:
  • استشعار الميلم بقرب الله تعالى، واستجابته لدعائه، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقد قال السعدي في سبب نزول هذه الآية إنّها نزلت رداً على تساؤل بعض الصحابة عن الله تعالى، فقالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: “يا رسول الله، أقريب ربّنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟”، فلقد بينت الآية الكريمة أن الله تعالى قريب، ورقيب، وشهيد، يعلم ما يسره الداعي في صدره، وما يعلنه، فيجيبه، ويعطيه مناه.
  • استجابة الله تعالى للدعاء إذا حقق الداعي شروط الاستجابة، ومنها: تحقيق الإيمان بالله تعالى، وتنفيذ أوامره والابتعاد عن نواهيه، والحضور التام للقلب، والدعاء بأمر جائز شرعا لأن الآية الكريمة السابقة ربطت حصول الرشد، والحصول على الإجابة بتحقيق هذه الشروط، بالإضافة إلى ذلك أن المسلم يدعو الله تعالى وهو موقن بالإجابة، وواثق بها، فيدعو ربه بعزم، ورغبة ملحة، ورجاء شديد لقوله -صلى الله عليه وسلّم-: (لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فإنَّه لا مُكْرِهَ له).
  • المعرفة التامة بأن الدعاء هو أفضل عبادة للمسلم لأن في الدعاء استدعاء للعون من الله سبحانه وتعالى، واستمداد له منه، وفي الدعاء بيان لافتقار العبد إلى الله تعالى، كما أن الإنسان يتبرأ فيه من حوله وقوته، ويلجأ إلى كرم الله تعالى، وجوده، وحوله، وقوته لنجدته قال صلّى الله عليه وسلّم : (إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ)، وقد أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه على أن يسألوا الله تعالى حاجاتهم جميعها، وثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها أيضاً أنّها قالت: (قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ابنُ جُدْعانَ كانَ في الجاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُطْعِمُ المِسْكِينَ، فَهلْ ذاكَ نافِعُهُ؟ قالَ: لا يَنْفَعُهُ، إنَّه لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ)؛ وقد أشار النبي عليه السلام في الحديث إلى الدعاء على اعتبار أنه مظهر من مظاهر الإيمان لدى المسلم، وأثر من آثاره التي تخرج المرء من دائرة الكفر إلى رحاب الإيمان، ليكون إيمان العبد سبباً في الانتفاع من أعماله الصالحة.
  • المعرفة التامة بأنّ الدعاء هو أكرم عبادة عند الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم : (ليسَ شيءٌ أَكْرَمَ علَى اللَّهِ منَ الدُّعاءِ).
  • معرفة أنّ الدعاء ينفع المسلم فيما نزل من القضاء، وفيما لم ينزل أيضاً وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم : (لا يُغْنِي حَذَرٌ من قَدَرٍ، والدعاءُ ينفعُ مما نزل، ومما لم ينزل، وإنَّ البلاءَ لَيَنْزِلُ، فيَتَلَقَّاه الدعاءُ، فيَعْتَلِجَانِ إلى يومِ القيامةِ) لذلك كان الدعاء من أقوى الأساليب التي يمكن أن يستخدمها المسلم ليدفعَ عن نفسه البلاء والسؤ، والمكروه، ويستجلب به النَّفع لنفسه، فهو سلاح المسلم الذي يدافع به المصائب عنه، إذ قد يدعو المسلم بدعاء قوي فيغلب البلاء، وقد يدعو بدعاء ضعيف فلا يغلب البلاء، إلا أنه يخفف منه، وقد يدعو بدعاء يتدافع مع البلاء ويعالجه بإذن الله.
  •  أن يوقن المسلم بأن الإكثار من الدعاء من الأمور التي أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إليها، وذلك بقوله: (ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ : إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه ، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها . قالوا : إذًا نُكثِرُ . قال : اللهُ أكثرُ)، وكان النبيّ عليه الصلاة والسلام يُعلّم صحابته صلاة الاستخارة التي يدعو فيها العبد ربّه؛ ليسخر له الخير، فإن كان ما يريده في المستقبل خيراً له، يسره الله تعالى له، وإن كان شراً، صرفه الله تعالى عنه، كما بين لهم أنه لا شيء يمكنه أن يرد القضاء إلا الدعاء، فقال عليه السلام: (لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ).

شروط اجابة الدعاء

شروط اجابة الدعاء
شروط اجابة الدعاء

من أهم شروط استجابة الدعاء كما بينها العلماء ما يلي : الإخلاص في الدعاء وعدم دخول الشرك والرياء في الدعاء، وأن يكون المدعو به صواباً وموافقا للشريعة الإسلامية، والثقة بالله سبحانه وتعالى واليقين بإجابته للدعاء يقيناً تاماً لا شك فيه، وكذلك يشترط حضور القلب أثناء الدعاء، كما ويجب عليه العزم والجزم بالدعاء، وذلك من خلال عدم تعليق الإجابة بالمشيئة، كأن يقول المسلم مثلاً : اللهم إن شئت فأعطني، بل عليه أن يقول : اللهم أعطني، أو اللهم إشفني فإن الله عز وجل ليس له مستكره كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكن تبقى المشكلة الاساسية في استجابة الدعاء كامنة في العديد من الموانع التي تمنع من استجابة الدعاء رغم تحقق الشروط المسبقة فيه، والتي قد يغفل عنها بعض المسلمين اليوم، ولعل في مقدمة هذه الموانع وعلى رأسها : أكل المال الحرام والتوسع فيه دون وجود أي خشية في قلب الانسان من عقاب الله عز وجل، وهناك موانع استجابة الدعاء التي لها أهمية ومنها : ترك الدعاء لتأخر الاستجابة والقنوت من رحمة الله عز وجل، وارتكاب المعاصي والمحرمات التي حرمها الله على المسلمين، وترك الواجبات التي أمرنا الله بها والطاعات والعبادات، والدعاء لله تعالى بالإثم وقطيعة الرحم، إلا أن أكل المال الحرام يبقى هو الأهم من بين هذه الموانع، ولهذا تجد أكل المال الحرام في مقدمة موانع استجابة الدعاء في كافة الكتب والمؤلفات الدينية، فطالما ابتعد الانسان عن موانع قبول الدعاء والاستجابه من الله عز وجل فإن شروط اجابة الدعاء المستجاب سهله ويسيره على المسلم من بعد ذلك.

Scroll to Top